للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أهمية العناية بالعبادات لطالب العلم]

ثم إنه ينبغي على أصحاب الحديث أن يكونوا من أكثر الناس نوافلاً، ومن أكثر الناس تقرباً، وأن يكثروا من ذكر الله.

وأكثر ذكره في الأرض دأباً لتُذكر في السماء إذا ذَكرتا

ونادِ إذا سجدت له اعترافاً بما ناداه ذوالنون بن متى

إذا ما لَمْ يزدك العلم فضلاً فليتك ثم ليتك ما علمتا

وإن ألقاك فهمك في مهاوٍ فليتك ثم ليتك ما فهمتا

فإن العلم: هو مخافة الله عز وجل، وبالخصوص أهل الحديث فإن الناس ينظرون إليهم نظرة أخرى، والناس يحترمونهم، مرَّ أبو حنيفة رحمه الله، فسمع بالجسر قائلاً يقول لصاحبه وهو يحاوره: أبو حنيفة يقوم الليل كله ولا ينام، فقال أبو حنيفة بينه وبين نفسه: سبحان الله! يظن الناس أني خيِّرٌ وأنا أنام الليل، فكان يقوم الليل.

ولكن المقصود أن على صاحب الحديث أن يكون كثير النوافل، وكثير التقرب إلى الله؛ فيحافظ على ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن يكون القرآن خدينه ورفيقه.

وقد تكلم الذهبي عن رجلٍ، فقال: ينبغي أن يكون لطالب العلم نوافل، قال: نعم، إذا رأيت طالب العلم منصرفاً إلى العلم، وليس لديه نوافل فاعلم أنه مخذول، وإذا رأيته يعبد الله على جهالة فاعلم أنه محروم.

ولذلك ذكر الله هذين الصنفين في القرآن، فذكر العلماء الفسقة، وذكر العباد الجهلة فقال في العلماء الفسقة: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المائدة:١٣] وقال في العباد الجهلة: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد:٢٧] الآية.

إذا علم هذا؛ فأدعو نفسي وإياكم يا أصحاب الحديث! إلى كثرة النوافل والعبادات.

<<  <  ج:
ص:  >  >>