للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الإيمان بالقضاء والقدر]

اعلم أن من أركان الإيمان عند أهل السنة والجماعة الإيمان بالقضاء والقدر، كل شيء بقضاء وقدر، {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} [القمر:٤٩ - ٥٠] وقال سبحانه: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد:٢٢ - ٢٣].

وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك} يموت ابنك بقضاء وقدر، ينجح بقضاء وقدر، يرسب بقضاء وقدر، صح عنه عليه الصلاة والسلام عند أحمد وغيره أنه قال: {كتب الله مقادير الخلق قبل أن يخلق الخلق بخمسين ألف سنة} فهو في كتاب عنده، فلا إله إلا الله! في ذاك الكتاب سعيد وشقي، غني وفقير، أصفر وأحمر، يموت يوم كذا أو يوم كذا، يموت في بلدة كذا وانتهى الكتاب، {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ} [الرعد:٣٩].

وفي الصحيحين وغيرهما عنه عليه الصلاة والسلام قال: احتج آدم وموسى، واسمع إلى المناظرة الحارة، مناظرة ساخنة بين نبيين اثنين التقيا، هذا آدم قبل موسى عليه السلام بآلاف السنوات، ولذلك بين أهل السنة خصومة أين التقوا، أين كانت الندوة، قال بعضهم في حياة البرزخ، وقال بعضهم في الجنة، والراجح أنها كانت في السماء، فالتقيا: أي آدم أبونا الذي خرج من الجنة بمعصية، والله أخرجه بذنب واحد يقول:

تأتي المعاصي أنت أكبر آثم ترجو الخلود بعيش ظل خالد

ونسيت أن الله أخرج آدماً من جنة المأوى بذنبٍ واحد

يقول: تأتي بآلاف الذنوب والخطايا وتعصي الله وتفجر، تسمع الغناء، وتشرب المسكر -والعياذ بالله- أو تتعامل بالربا، وتغش، وتشهد الزور، وتكذب، وتؤذي الجار، وتقطع الرحم، وتعق الوالدين، وتأتي بهذه الحملة من الذنوب وتدخل باب الجنة وآدم أكل فقط من شجرة فخرج من الجنة.

نعود للقصة، قال: {احتج آدم وموسى -التقيا- قال موسى: وكان جريئاً شجاعاً دائماً يتكلم حتى مع الله يقول: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي} [الأعراف:١٤٣]- قال موسى: أنت أبونا، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه خيبتنا وأخرجتنا من الجنة، قال: أنت موسى بن عمران الذي اصطفاك الله على الناس بكلماته، وكتب لك التوراة بيده، بكم وجدت الله كتب أن آكل من الشجرة قبل أن يخلقني؟ قال: بأربعين سنة -وجدها في التوراة- قال: فتلومني على شيء كتبه الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة -فيتدخل محمد عليه الصلاة والسلام يحكم- قال: فحج آدمُ موسى، فحج آدمُ موسى، فحج آدمُ موسى} أي: غلبه، وبعض القدرية يقولون: فحج آدمَ بالنصب موسى، أي: يجعلون موسى الفاعل والمفعول به آدم كأن المحجوج آدم وكذبوا لعمر الله، الشاهد أن تؤمن بالقضاء خيره وشره، وحلوه ومره من الله الواحد الأحد، فإذا أتتك مصيبة موت أو فقر أو جوع أو رزق أو غنى أو نجاح أو رسوب أو رعد أو برق أو مطر أو ريح قل: قدر الله وما شاء فعل، هذا معتقد أهل السنة والجماعة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>