[محمد بن حميد الطوسي قائد الجيش]
محمد بن حميد الطوسي: بطل لم يتجاوز عمره السادسة والثلاثين، قاتل في جيوش المعتصم وكان قائد الجيوش في عهد المعتصم، خرج مع الروم فقاتل من بعد الفجر إلى صلاة المغرب.
يقولون: كان يأخذ السيف فيقاتل به حتى تتكسر شظاياه من على رءوس الأبطال، فيأخذ السيف الآخر، ومع الغروب فتر فاجتمع عليه الكماة فقتلوه، فأتى أبو تمام ليشارك في المصيبة، فسجل قصيدة مبكية في محمد بن حميد الطوسي، لما سمع المعتصم قال: والله ما مات من قيلت فيه هذه القصيدة.
يقول أبو تمام:
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر فليس لعينٍ لم يفض ماؤها عذرُ
توفيت الآمال بعد محمد وأصبح في شغل عن السفر السفرُ
ثم يقول عن محمد:
ثوى طاهر الأردان لم تبق بقعة غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبرُ
تردى ثياب الموت حمراً فما أتى لها الليل إلا وهي من سندسٍ خضرُ
فتىً كلما فاضت عيون قبيلة دماً ضحكت عنه الأحاديث والذكرُ
ثم يقول عنه -حتى لا يُظَن أنه فر من المعركة أو عَجِزَ عن القتال-:
وما مات حتى مات مضرب سيفه من الضرب واعتلت عليه القنا السمْرُ
عليك سلام الله وقفاً فإنني رأيت الكريم الحر ليس له عمْرُ
ويستمر أبو تمام في هذه الإشادة ويلقيها عند المعتصم، وتسيل دموع المعتصم ويقول: والله ما مات من قيلت فيه هذه القصيدة.
فهو ما زال باقياً حياً.
دخل وفد غطفان على عمر فقال عمر: أمنكم أحدٌ من أبناء هرم بن سنان الذي مدحه زهير؟
قال رجل: أنا يا أمير المؤمنين.
قال: ماذا قال فيكم زهير؟ وماذا أعطيتموه؟ قال الابن: مَدَحَنا وأعطيناه مالاً.
قال عمر: ذهب والله ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم.
من يستطيع من الشعراء أن يقول كما قال زهير في هرم:
قومٌ أبوهم سنان حين تندبهم طابوا وطاب من الأولاد ما ولدوا
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم قومٌ بآبائهم أو مجدهم قعدوا
محسَّدون على ما كان من نعم لا ينزع الله منه ما لهم حسدوا
إلى آخر ما قال هذا هو الخلود، ولذلك لا زلنا نتناشدها اليوم ونحيا معها.
أما أدَبُ:
أنا ذبابة الليمون أطير من شجرة إلى شجرة
سيارتي مازدا يا سبور أنت سيارتي
عشت في رحلة في الروابي
أو كما قال.
يا وانت ونيتها يوم صليت وانت غراباً طارداً حمامة
فعلى كل حال! لكلٍ مشارب؛ لكن نريد الخلود والروعة والإبداع أن يتجلى بأدب الأمة، وسوف أعرج على هذا الكلام إن شاء الله.