للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قصة شاب اهتدى]

هذا نموذج ممن اهتدوا، أما هذا الشاب الذي اهتدى فقصته معروفة، وقد سمعتها سماعاً من ثقات، وهي مكتوبة وقد دونتها وجمعت عناصرها، هذا الرجل كان قبل أن يتزوج مسرفاً على نفسه في الخطايا والذنوب، أسرته ثرية عندهم مال، كان يأخذ الأموال من والده والشيكات ويذهب إلى أوروبا، ويذهب إلى أمريكا وإلى فرنسا، فيعصي الله عز وجل، ويتحمل من الذنوب والخطايا مثل الجبال؛ لأن بعض الناس سمع من بعض الشباب ووعظهم بعض الدعاة في أمريكا وفرنسا فقالوا: الله في السعودية، جل الله وتبارك الله وتقدس {الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ} [الشعراء:٢١٨ - ٢١٩] وقال أيضاً: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة:٧] وقال عز وجل: {أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك:١٤] بلى.

فذهب هذا الرجل فكان يفعل الأفاعيل: زنا وخمر وشرود عن منهج الله، أما الصلاة فتركها من زمان وهو في بلاده هنا، وفي الأخير كانت أمه امرأة صالحة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملاً، كانت تدعو له وحاولت وصبرت، وفي الأخير كانت تدعو أن يقبض الله روحه؛ لأنها ملت من هذه الحياة، ذهب وعاد كأنه رجل من الخواجات، لا يتكلم إلا في أوروبا، ولا يرى شيئاً من هذه التقاليد، ويرى أننا في تخلف، وأن ديننا رجعية -والعياذ بالله- ويحدث عن أمورهم وعن عجائبهم، وفي لحظة من اللحظات أراد أهله أن يزوجوه، فوافق وتزوج امرأة لكنها صالحة، تقوم الليل وتصوم النهار، وتحفظ كثيراً من القرآن، فتاة قدوة في السلوك والأخلاق رضية الأفعال، وكانت مؤمنة، فأحبها لجمالها، وللأمور أسباب ومداخل، فلما رأته ما صلى تلك الليلة قالت: يا فلان! والله ما جمعني بك دنيا ولا مال ولا جاه، إنما أردت أن يهديك الله على يدي، فإن كنت تريدني امرأة عندك فاعلم أنك لن تنال هذا إلا بالدين والخشية من الله والصلاة، قال: ليس غير هذا الكلام؟ قالت: سمعت هذا الكلام، فصلى أول الليل مجاملة، وقام وصلى الفجر، وفي اليوم الثاني أعطته حقنة من الدعوة إلى الله، وكانت تدعوه على الطعام وبعد الطعام وعلى الشاي وبعد الشاي وتقود قلبه إلى الله، وتحدثه بالقصص عن الصالحين التي سمعت، وفي الأخير اهتدى وحافظ على الصلوات الخمس في المسجد، وقاطع الخمر ثم ترقى به الحال إلى أن أخذ السنن، ثم ترقى به الحال حتى أصبح من الدعاة المؤثرين في غيرهم، فانظر إلى هذه الفتاة المؤمنة التي نسأل الله أن يرفع منزلتها في الآخرة، وأن يجعلها من العابدات الصالحات، وأن يثبتنا وإياه {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:٨٨ - ٨٩] {لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم} يقول تعالى: {ذلك فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد:٢١].

<<  <  ج:
ص:  >  >>