للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مراءاة الناس]

من علامات النفاق: مراءاة الناس، فعملهم رياء، امدح الرجل وأَبْشِرْ بخير، إذا مدحته وجدت رجلاً كريماً أمامك يقدم ويسعى ويبذل، لكن إذا لم يرك وإذا لم تمدحه أخفق كلما إخفاق.

أما نحن أهل الإيمان فنسأل الله أن يكون عملنا خالصاً لوجهه: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:١٥ - ١٦] {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان:٢٣].

القصائد بلا إيمان تأتي يوم القيامة وهي لعنات على أصحابها، الكتب بلا إيمان تأتي يوم القيامة وهي غضب ماحق على رءوس أصحابها، الصحف بلا إيمان تأتي يوم القيامة قذائف ملتهبة في وجوه أصحابها، أمة بلا إيمان ما هي إلا قطيع غنم وضأن وإبل وبقر، عين بلا إيمان مقلة عمياء، قلب بلا إيمان قطعة لحم، كتاب بلا إيمان ورق مصفف، قصيدة بلا إيمان كلام ملفف، دنيا لم تشرق عليها شمس الإيمان دنيا ملعونة، وقلب لم يع أمر الله قلب مغضوب عليه.

يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في المنافقين: {يُرَاؤُونَ النَّاسَ} [النساء:١٤٢] إن صلوا أمام الناس أحسنوا الصلاة، وإن خلوا تركوا الصلاة أو لعبوا بها، إذا جلسوا مع أولياء الله تكلموا في القضايا الإسلامية بحرارة، وإذا خلوا إلى شياطينهم هتكوا عرض الإسلام ومجده وعظمته: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ} [البقرة:١٣] مالكم لا تستقيمون كما استقام شباب الصحوة؟ قالوا: هؤلاء حمقى متزمتون متطرفون!! {قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ} [البقرة:١٣] فهم ما علموا، والذي لا يعلم أحمق.

{وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [البقرة:١٤ - ١٥]

الرياء مرض من أخطر الأمراض، وهو قاصمة الظهر، وهو يدخل نسبياً في قاصمة الظهر الكبرى (النفاق) الرسول عليه الصلاة والسلام يخبرنا بأول من تسعر بهم النار يوم القيامة وهم ثلاثة: عالم، وجواد كريم، وشجاع، يؤتى بهم فيقول الله عز وجل للعالم: {أما علمتك العلم؟ قال: بلى يا رب! قال: فما عملت} والله يعلم، وهو لا يسأل عن جهل، فهو العليم البصير سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فانظر إلى الوقاحة، أخطأ في الدنيا ويجيب بخطأ في الآخرة.

قال: {علمت الجاهل، وأمرت بالمعروف، ونهيت عن المنكر، فيقول الله: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله: إنما تعلمت ليقال عالم خذوه إلى النار، فيسحب على وجهه حتى يدهده في النار} ثم يؤتى بالجواد فيفعل به كذا، وبالشجاع فيفعل به هكذا، هؤلاء أول من تسعر بهم النار، نعوذ بالله من النار.

هذا هو الرياء.

وأسباب الرياء:

١/ نسيان ثواب الله وأجره.

٢/ تعظيم الناس أكثر من الله.

٣/ طول الأمل ونسيان الموت.

٤/ الخوف والقلق والاضطراب النفسي، فأشجع الناس الصادق، وأجبن الناس المرائي الكاذب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>