للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التفكر في مخلوقات الله]

اغرس في نفسك توحيد الباري تبارك وتعالى، وأنت تنظر في بديع صنعه ولطيف خلقه.

قال تعالى: {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ} [النمل:٦٠].

من الذي أنبت الشجر؟

من الذي جعل القُمري يهتف على الأغصان؟

من الذي أسرى بالنسيم على الماء؟

قال تعالى: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج:٥] إنه كتاب الكون.

وكتابي الفضاء أقرأ فيه صوراً ما قرأتها في كتاب

{وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} [ق:١٠].

من الذي رسم هذا الجمال؟ وأبدع هذا الكمال؟

من الذي جعل الرابية تشكو إلى الجبل، والماء يتمتم بالإسرار إلى الزهر، والبلبل ينشد قصيد الشكر على أغصان الشجر؟

انظر لتلك الشجرة ذات الغصون النضرة

من الذي أبدعها من حبة مندثرة

ذاك هو الله الذي أنعمه منهمرة

ذو حكمة بالغة وقدرةٍ مقتدرة

أيها المصطاف! إن الدرس العظيم الذي تستفيده وأنت تجوب بسيارتك في هذا الإقليم الجميل، أن تتزود من التوحيد في كل ما ترى وتشاهد قال تعالى: {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ} [الغاشية:١٧ - ٢٠].

مالهم لا ينظرون؟!! مالهم لا يتفكرون؟!! مالهم لا يعتبرون؟!!

ما للناس يعجبون من صنع الناس، ومن إبداع الناس ولا يعجبون من صنع رب الناس؟!

تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك

عيون من لجين شاخصات بأحداق هي الذهب السبيك

على قضب الزبرجد شاهدات بأن الله ليس له شريك

بم عرفت ربك؟ بالآيات، بالعظات، بالعبر في الكون، بالجمال، بالجلال.

إن عليك أيها المصطاف أن تقرأ أسماء الله عزوجل في سمائه وأرضه، وإبداعه وتصويره.

إن أول سورة نزلت على الأمي الكريم صلى الله عليه وسلم هي قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق:١] فأين يقرأ الأمي الذي ما كتب، ولا قرأ؟

إنه يقرأ في الكون؛ في الشمس الساطعة وفي النجوم اللامعة، في الليل والنهار، في الجدول والغدير والماء النمير.

وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد

فيا عجباً كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد

<<  <  ج:
ص:  >  >>