[رمضان والتوبة]
متى يتوب من لا يتوب في رمضان؟
ومتى يعود إلى الرحمن من لا يعود في رمضان؟
ومتى يراجع حسابه مع الواحد الديان من لا يراجع حسابه في رمضان؟
ينسلخ الشهر ولا يمحى الذنب.
ينسلخ الشهر ولا تسارع في فكاك رقبتك من النار.
أليس من الحسرة والندامة أن يعفو الله عن مئات الألوف ثم لا يعفو عن البعيد؟!
أليس من العار والخزي والخسار والتبار أن ينسلخ الشهر ثم لا تكون من الذين رضي الله عنهم -ونعوذ بالله من ذلك- والأعمال بالخواتيم؟!
فسارع في فكاك رقبتك في هذه الليالي، واغتنم كثرة الصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكثرة التوبة والاستغفار، وبادر بالحسنات؛ فمن يدري لعلك أذنبت ذنباً كبيراً لا يغفر إلا في هذه الليالي، ولعلك أسأت إساءة كبرى لا يمحوها إلا التوبة في هذه الأيام، فبادر في فكاك رقبتك، وارفع يديك إلى الله عزوجل فإنك لا تدري لعل رمضان لا يعود إليك مرة أخرى.
فوداعاً يا شهر الصيام والصلاة! ووداعاً أيتها الأيام العطرة التي عشناها في ذكرٍ وتلاوة! لا ندري أتقبل منا فنخرج يوم العيد في فرح وسرور وحبور ونور، أم ردت أعمالنا علينا -والعياذ بالله- فنخرج في ويل وثبور، وفي حسرة وندامة.
فإن السعيد من أسعده الله وكتبه في صحائف الخلود والسعادة، والشقي من أخزاه الله وغضب عليه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
إذا عُلم ذلك -يا عباد الله- فأوصي نفسي وإياكم بالتوبة النصوح، وكثرة الاستغفار في هذه الليالي، ورفع يدي الضراعة إلى الحي القيوم علَّ الله أن يغفرلنا؛ فوالله! ليس لنا من الأعمال ما نتقدم به إلى الله، كل أعمالنا خطيئة وذنب، كلنا فقرٌ ومسكنة، كلنا عجز وتقصير، نخشى من أعمالنا أن يشوبها الرياء والسمعة فيبطلها الله أولاً وآخراً.
ليس منا شيء، إن فعلنا من الحسنات فقد قابلها سُبحَانَهُ وَتَعَالَى بنعمٍ مدرارة ٍغزيرة لا نقوم بشكرها أبداً.
يظن العبد يوم يصلي ساعة، أو يقرأ، أو يذكر الله؛ أنه فعل شيئاً عظيماً.
وأين ساعات النعيم؟!
وأين ساعات الأكل والشرب؟!
وأين ساعات اللهو واللعب؟!
وأين ساعات الترح والمرح والذهاب والمجيء؟!