للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حسان بن ثابت]

ومن الشعراء من حفظ الله فحفظه الله.

فهذا حسان بن ثابت كان يحفظ الله بشعره وأدبه وقلمه وقصائده فحفظه الله، كان يمدح الدعوة ويمدح الرسول عليه الصلاة والسلام، حتى يقول في بيت يسب مشركي قريش:

زعمت سخينة أن ستغلب ربها وليغلبن مغلب الغلاب

قريش تسبها العرب بأنها سخينة، والسخينة: نوع من الطعام كالثريد أو كالرواكة الخاثرة، تحبها قريش وتموت فيها وتحيا، فالعرب إذا سبت قريشاً، قالت: سخينة، فقال حسان: زعمت سخينة أنها ستحارب الله بسيوفها، فليغلبن مغلب الغلاب؛ لأنه الغلاب سبحانه.

فقال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتبسم: {لقد شكر الله لك بيتك يا حسان!} سمع الله بيتك يا حسان {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر:١٠] {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم:٢٤ - ٢٥] {لقد شكر الله لك بيتك يا حسان! يوم قلت:

زعمت سخينة أن ستغلب ربها فليغلبن مغلب الأغلاب

}

كان صلى الله عليه وسلم يقرب له المنبر ويجلسه عليه ويقول: {اهجهم وروح القدس يؤيدك} أي: جبريل.

فكان يقول:

فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء

هجوت محمداً فأجبت عنه وعند الله في ذاك الجزاء

أتهجوه ولست له بكفء فشركما لخيركما الفداء

قال الزهري: أفخر بيت قالته العرب قول حسان في بدر:

وبيوم بدر إذ يصد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد

فهذا أفخر بيت قالته العرب، يقول: تحت قيادتنا المسلحة جبريل ومحمد، فكيف تغالبوننا؟ فهو قائد الشعراء إلى الجنة؛ لأنه حفظ الله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>