للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[افتقار الصحوة إلى بعض الأمور]

السؤال

شباب عادوا إلى الله وصحوا من غفلتهم، فما نصيحتكم لمثل هؤلاء في بداية صحوتهم؟

الجواب

الصحوة ليست فقط عندنا، ليست في الرياض ولا في الدمام ولا في جدة ولا في أبها، هذه الصحوة مرت على الأخضر واليابس، هناك صحوة في أوزبيكان وأذربيحان وتشيكوسلوفاكيا، والله في استراليا أتت رسالة قبل مدة -والحسيب الله- من رجل لا أدري هل هو فلسطيني أو سوري، كتب يقول: الأشرطة التي تلقى بعد أسابيع تصلنا في استراليا، وإن الصحوة تجتاح الشباب المسلم هناك، والناس يدخلون في دين الله أفواجاً في استراليا سبحانك يا رب!

حتى استراليا تعيش في صحوة!

نعم؛ لأنها أرض الله، وبلد من بلاد الله، فهذه الصحوة أصبحت في كل قطاع، كل الناس يريد أن يركب في موكب النور الذي أتى به صلى الله عليه وسلم، ذاقوا العمالات والسخافات، جربوا لينين فوجدوه ملعوناً، جربوا هتلر فوجدوه ملعوناً، جربوا كانت وديكرت أحمقين ملعونين؛ فأتوا إلى محمد عليه الصلاة والسلام فوجدوه نوراً وإماماً معصوماً صلى الله عليه وسلم!

خذ ما رأيت ودع شيئاً سمعت به في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل

لكن هذه الصحوة تحتاج إلى أمور:

أولاً: تحتاج إلى علماء ومشايخ وقضاة ودعاة ينزلون للساحة، هذه الصحوة مثل الجمل الهائج، جمل ترسله بلا خطام، هذا الجمل يكسر الحيطان، ويدخل الحدائق، ويقتحم البيوت والمنازل، جمل شجاع لكن ما عنده خطام! هذه الصحوة مثل السيل تحتاج إلى نظام حبس وصرف، ونظام الحبس والصرف هم العلماء، والقضاة، وكتاب العدل، والدعاة، لينزلوا للشباب في حلقات ولو مصغرة، ولو لم يحضر الحلقة إلا واحد أو اثنان أو ثلاثة؛ فإن الله سبحانه وتعالى سوف يبارك فيهم، فقضية نزول العلماء أمر عظيم وأمر مطلوب، وهم مدعوون في كل مكان إلى أن يقيدوا هذا الصحوة ويرتبوها.

ثانياً: أن يحرص الشباب على التحصيل العلمي الشرعي، فصحوة بلا علم لا تساوي شيئاً، تثير حماساً وهيجاناً، فالصحوة تكون بعلم وبتأصيل، ومصدر التلقي هو الكتاب والسنة.

ثالثاً: لا اختلاف! دعونا من الخلافيات، دعونا من النزاع، دعونا من الضغينة، أكلنا لحوم بعضنا في المجالس فلان من طائفة آل فلان وفلان، لا نقبل طريقته، وفلان ذهب مع فلان، وفلان نبرأ منه لماذا هذا الكلام؟

تزيدون الأمة جرحاً! نزيد الطعن في جرح الأمة!

أقول وأنا طويلب علم: أنا مستعد أن أعمل مع كل مسلم فيما أصاب وأتجنب -إن شاء الله- إساءته، لا يمنعك أن تعمل مع أخيك ولو كان في مشرب آخر فيما أصاب {لا يكن أحدكم إمعة! إذا أحسن الناس أحسن، وإذا أساءوا أساء، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسنوا فأحسنوا، وإن أساءوا فتجنبوا إساءتهم} والحديث في الترمذي.

لماذا لا تعمل مع إخوانك؟

يذكر ابن تيمية قاعدة مهمة، وقد ذكرتها مراراً ينقلها الشيخ عبد الرحمن ناصر السعدي علامة القصيم، يقول ابن تيمية: بعض الناس كالذباب لا يقع إلا على الجرح!! يترك محاسن الناس والأفراد والطوائف ويأتي بعيوبهم في المجالس سامحهم الله فيهم كذا وكذا.

لماذا لا تذكر محاسنهم؟ لماذا لا تتعامل معهم؟ لماذا لا تنصحهم في بيوتهم؟ النصيحة ورادة وليست الفضيحة.

فالتي تعطل مسيرة الصحوة هي الخلافيات والمداخلات، والشيطان له وسوسة، كما قال صلى الله عليه وسلم: {إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن بالتحريش بينهم}.

وأنا أرى أن يأتي أناس أهل الحل والعقد لا صغار الأسنان ولا أحداث، يأتون إلى هذه المشكلة فيحللوها، ويجلسون في مجالس وينظرون من المخطئ؟ وما هي المسائل التي ينبغي أن تدارس بضابط الكتاب والسنة لا برأي أحد من الناس مهما بلغ؟

وتعظيم هؤلاء الناس والزعماء المفكرين أنا أحبه، لكن أن يجعلوهم في مكانة محمد صلى الله عليه وسلم فلا والله.

تأتي بمفكر أو شهيد أو إمام، وتقول: قال، وكان يفعل، وكان يأكل، وكان يشرب أنا أحبه أكثر منك، لكنه رجل.

يقول ابن عباس -رضي الله عنهما-: [[يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء، أقول: قال الله وقال رسوله، وتقولون: قال أبو بكر وعمر!]] أنا أعرف بعض الشباب عنده في جيبه معلومات كلها كلام رجل! يحفظها سرداً مثل الفاتحة! قال: وكان يقول كذا، وكان يقول كذا.

أقول: محمد هو الرسول عليه الصلاة والسلام وليس غيره، لا تغلوا في دينكم، ولا قداسات للأشخاص.

انتبهوا يا إخوتي! المسألة مسألة عقيدة، والله ليس في قلبي ضغينة لأحد، وأنا أحبهم وأتولاهم، لكن لماذا هذا الأمر؟ نتقي الله في إيماننا ومعتقدنا وتوحيدنا هذا ما يحضرني في هذا الباب.

<<  <  ج:
ص:  >  >>