المسألة الرابعة والعشرون: من بسط له في دنياه لا يكون ذلك على حساب ثوابه.
فإن المطاعم والمشارب والملابس التي نأخذها في الدنيا تنقص من أجرنا عند الله، ولا يزال العبد يهدب من ثمرته حتى ينهيها أو يبقيها.
ولذلك دخلوا على خباب بن الأرت وهو يبني مزرعة له بالطين في المدينة، وهذا في الصحيح وقد اكتوى على بطنه سبع كيات، فقالوا: مالك؟ قال: كل شيء يؤجر فيه العبد إلا ما وضع في هذا التراب.
أي: في البناء، ثم قال: والله لقد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كنا نجد شيئاً، ثم مات مصعب فما وجد كفناً، ومات حمزة فما وجد كفناً، ثم بكى كثيراً حتى نشغ، ثم قال: أما نحن فتدلت ثمرتنا فنحن نهدبها من ذاك اليوم.
أي: أجرنا تدلى لنا فنهدب منه.
فالأولى بالإنسان أن يأخذ الشيء الطيب ولكن لا يسرف فيه، يقول سبحانه:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}[الأعراف:٣١] ولا يعتدي، ولكن يبحث عن مسترة حاله ويكون وسطاً في الناس، ليس بالملح ولا الذي يظهر التفقر والتمسكن وهو غني، وليس من الذي يظهر الترف والتعالي على الناس، وخير الأمور أوسطها، وليستتر بستر الله عز وجل.