[برنامجه اليومي]
عمل اليوم والليلة في حياة الشيخ وبرنامجه اليومي:
يبدأ الشيخ بصلاة الفجر، وغالباً هو الذي يصلي بالناس، ثم يذكر الأذكار الموروثة عن معلم الخير عليه الصلاة والسلام، وشيء عرفته منه، وعرفته من تلاميذه ومن محبيه وهو: أنه لا يترك بعد الأذكار أن يقول مائة مرة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير وغالباً ما يكون عنده درس من الفجر إلى طلوع الشمس، وأعظم ما يدرس الشيخ (كتاب فتح الباري وفتاوى ابن تيمية وبلوغ المرام والكتب الستة والطحاوية ونحوها من العلوم) فإذا انتهى الشيخ صلى ركعتين وعاد إلى بيته وأفطر إفطاراً سهلاً ميسراً، وربما ارتاح قليلاً؛ إذ هو يصارع الحوادث وعنده من الهموم والأشغال والمشاغل ما الله به عليم، ويرتحل الشيخ إلى مكتبه، وهو دائماً -كما تعرفون- حريص على هذا؛ لينهي أوامر المسلمين، ويسهل مشكلاتهم سهل الله عليه يوم العرض الأكبر.
ويبدأ دوام الشيخ الرسمي قرابة الساعة التاسعة من ضحى كل يوم، فإذا وافى مقر الرئاسة وجد المراجعين يملئون الأمكنة المعدة لهم بانتظاره، فيحييهم ويسلم عليهم ويستقبلهم ويصافحهم ويعانق منهم القادم، ثم يأخذ مجلسه وإلى جانبيه كاتبان، وهذا أمر معلوم، عنده في اليمين كاتب وفي اليسار كاتب.
لعظمك في النفوس تبيت ترعى بحفاظٍ وحراسٍ ثقاتِ
ويأخذ هذا كثيراً من وقت الشيخ، ويرد على المكالمة التي ما تنقطع من القارات الخمس، وإن شئت قلت: الست، فتلفونه نوعان: تلفون داخلي يرد عليه الشيخ، وتلفون خارجي تتصل به الهيئات والجامعات والمؤسسات من أنحاء العالم، ويفتيهم ويرد عليهم الواحد تلو الآخر، وربما صودفت الفتوى عشر مرات، أو صودفت المكالمة عشر مرات، فجزأها الشيخ وانتظر الأول فالأول.
ويبدأ الشيخ في استعراض المعاملات، وعنده الكتبة الذين يهمس في آذانهم بما يمكن أن يكتب وبما يمكن أن يوجه لما فيه المصلحة، ويستحضر الشيخ النية عند كل فتوى وكل معاملة لتنفعه في الآخرة {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد:١٧] ثم يصلي صلاة الظهر، ويعود إلى عمله الذي ينتهي في الثانية والنصف يومياً، ويرتحل وقد سبقه ضيوفه في البيت فيتغدى معهم غداءً جماعياً، ثم تدار -هكذا أنقل من المجذوب - تدار القهوة والشاي والطيب وحسن الحديث الذي لا يفارق محيا الشيخ، ثم يرتحل مع ضيوفه ليصلي العصر، وربما ألقى كلمة بعد صلاة العصر، ويعود بعد الصلاة وهذا الوقت غال، فالدقائق محسوبة {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون:١١٥].
دقات قلب المرء قائلةً له إن الحياة دقائقٌ وثواني
فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثاني
وربما استراح الشيخ بعد صلاة العصر لما يلقى من أعمال شاقة، ومن إعياء كثير ومن كبر السن، فهو يصارع الآن أكثر من الثمانين، وربما طعن في الثانية أو الثالثة والثمانين يقيناً، فهو مولود عام (١٣٣٠هـ) ومع ذلك يزداد عمره بركة {يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء:٧١] وهو من أئمة هذا الدين، وقد بارك الله في عمره لاتباعه السنة، ولإخلاصه وصدقه، ولنفعه للناس.
ثم يصلي صلاة المغرب، ثم يعود إلى المنزل للقراءة والنظر في شئون الناس حتى وقت العشاء، وبعد أداء الصلاة يتناول مع الحضور طعام العشاء، ولا ينتهي مجلسه من الزوار والرواد، ولا يزال بين قراءة وإملاء وحديث نافع حتى وقت متأخر، وقلما يتاح له الإخلاد إلى النوم قبل منتصف الليل، وربما ينام الشيخ بين الحادية عشرة إلى الثانية عشرة؛ من أجل أن يستغل هذه الأمور في أعمال الناس، ثم ينام الشيخ ويستيقظ قبل الفجر بوقت طويل فيتهجد {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً} [الإسراء:٧٩].
يقول بعض الفضلاء: رأيت أثر قيام الليل في وجه سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن باز فيقوم يصلي ويدعو، وربما غلبه البكاء في صلاة الليل لخشيته ولتقواه، ثم يأتي لصلاة الفجر، ونراه ينتقل من بيته بواسطة سيارة حتى يصل إلى الجامع الكبير فيصلي بالناس، وعلى قراءته خشوع وسكينة، ثم يعود إلى برنامجه اليومي.
وهناك بعض الأمور كحضور المؤتمرات، وبعض المهمات العلمية التي يقضيها الشيخ قد تغير من هذا البرنامج قليلاً.