للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[كعب بن مالك وتوبة الله عليه]

قال: فأوفى الذي على سلع فأخذ يصيح؛ لأنه ليس عنده فرس، وصاحب الفرس ما صاح، وهو يريد أن يسبق، فأخذ الذي على سلع يقول: يا كعب بن مالك أبشر، يا كعب بن مالك! أبشر.

يا كعب بن مالك! أبشر.

ومن الأدب في الإسلام إذا بشرك أحد بشيء؛ أن تقدم له شيئاً بنسبة هذه البشرى، ليست بشرى ضئيلة ثم تكبر، لكن بنسبة هذا، قال: فكان السابق صاحب الصوت، وأتى صاحب الفرس فبشرني، وكان عليَّ ثوبان، والله ما لي غيرهما؛ قال: فخلعتهما وأخذت ثياباً من جيراني، حياة بدائية حياة فقر وعوز، وهو من أغنياء الصحابة، فما بالك بفقراء الصحابة؟ أهل الصفة كانوا لا يجدون إلا ما يواري أحدهم عورته، وهذا من الأغنياء عنده ثوبان، حتى يقول صلى الله عليه وسلم يقترح على الناس: {لو أن لأحدكم ثوب لجمعته وثوب لمهنته} أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وهذا من أدب الإسلام؛ أن تقدم شيئاً لمن بشرك بنجاح ابنك، أن تدعوه كذلك في البيت، أن تقدم له شيئاً بمناسبة هذه البشرى، أما ترك هذا الأمر فليس من المستحسن، لحديث كعب رضي الله عنه، قال: فاستعرت ثياباً من جيراني وشددت على نفسي ثم انطلقت إلى المسجد، أتى الآن يقابل سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، كأن البشرى له عليه الصلاة والسلام؛ لأنهم تلاميذه وطلابه، وهم حسنة من حسناته.

قال: فدخلت المسجد، فلما رآني صلى الله عليه وسلم استنار وجهه كأنه فلقة قمر، تهلل حتى تقول عائشة رضي الله عنها وأرضاها: [[إذا سر بشيء استنار وجهه كأنه فلقة قمر]] تبرق أسارير وجهه صلى الله عليه وسلم، وهيئته الجسمية عجيبة، جسمه كالحرير الأبيض الناصع، يقول أنس: [[نظرت إلى القمر ليلة الرابع عشر وإلى وجه الرسول صلى الله عليه وسلم، والله لوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمل من القمر ليلة أربعة عشر]] وقيل لـ أبي هريرة: أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم كالسيف؟ قال: لا.

كالشمس.

تقول عائشة وربما ذكرت قول أبي سويد حيث يقول وهو هذلي:

ومبرأ من كل غُبَّر حيضة وفساد مرضعة وداء مغيل

وإذا نظرت إلى أسرة وجهه برقت كبرق العارض المتهلل

<<  <  ج:
ص:  >  >>