[الغفلة من أسباب الفتن]
السبب الرابع: الغفلة عن آياته سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، أي: عدم تدبر آياته في الكون، والآيات قسمان:
كونية وهي: آيات الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في الكون.
وشرعية وهي: آيات القرآن.
يقع زلزال في الكون أو بركان أو ريح شديدة أو مرض في الناس ويؤلونه إلى الطبيعة.
تقضون والفلك المقدر ساخرٌ وتقدرون فتضحك الأقدار
دمرت بعض المدن مما انتشر فيها من الفساد بزلزال وهلكوا في ثوانٍ، ولما نظروا إلى الرأي العام قالوا -حتى بعض المسلمين-: انكسار في القشرة الأرضية، فمن كسرها؟
ومن قدرها؟
ومن أرسلها؟
ومن أنشأها؟
ومن بدأها؟ {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد:٢٢] {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر:٤٩].
هذه الآيات من آياته سُبحَانَهُ وَتَعَالَى جعلها ردعاً للناس، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم:٤١] إنه السبب، وتأتي الغفلة عن آيات الله في الكون يوم يصدق هؤلاء الملاحدة الذين بنوا قواعدهم على هذا الأمر حتى فصلوا -مثلاً- مادة الجغرافيا عن الإيمان، وفصلوا التربية عن الإيمان، وفصلوا علم النفس عن الإيمان، وجعلوا كل ما يحدث للعبد من الطبيعة وفعل الحوادث والأيام، ونسوا الله عز وجل عن ذلك.
قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:١٧٩] والغفلة مرض نسأل الله أن يعافينا وإياكم منه وهو من أعظم علامات النفاق، فإن المنافق قد يسمع الحديث والموعظة والآية، لكن لا يستفيد، ولا يفهم، ولا يعقل.
كان بعض المنافقين يصلي مع الرسول عليه الصلاة والسلام ومات على الكفر، كان عبد الله بن أبي يصلي في الصف الأول يوم الجمعة، لكن ختم الله على قلبه ومات كافراً، ولم تنفع فيه شفاعة الرسول عليه الصلاة والسلام، إنه غفل عن طريق الهداية، وأصبح غير مستعد لأن يفهم الإسلام والإيمان وهو فعل بعض الناس، فكيف يهتدي من لا يستعد للفهم، ولا يستعد للتوجه؟!
إن بعض الناس بصير بأمور الدنيا وعلومها وحضارتها، لكن لا يعرف في الدين شيئاً.
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام -كما في الصحيحين: - {من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين} والذي لا يريد الله به خيراً لا يفقهه في دينه، ولا يهديه كتابه، ولا يعلمه سنة رسوله عليه الصلاة والسلام.