للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حر الجزيرة أثناء غزوة تبوك]

خرج عليه الصلاة والسلام، والحر يلتهب، والشمس المضنية تسحق ذرات الرمل، ومع ذلك أراد الله والدار الآخرة، وذكر الله أنهم لا يطئون موطئاً يغيظ الكفار، ولا يصعدون جبلاً، ولا يهبطون وادياً، أو يجوعون أو يظمئون إلا كان في سجل حسناتهم.

مشى صلى الله عليه وسلم بجيش عداده عشرة آلاف يخترق وسط الجزيرة العربية إلى شمالها في اتجاه تبوك، ليطرد المستعمرين والمحتلين والخونة عن حدود الجزيرة؛ لأنه يريد أن يطهرها لتبقى جزيرة لا إله إلا الله، جزيرة (إياك نعبد وإياك نستعين) جزيرة محمد رسول الله:

أنا الجزيرة في عيني عباقرة المجد والفجر والتاريخ والشرف

أنا الجزيرة بيت الله قبلتها وفي ربى عرفات دهرنا يقف

ومشى عليه الصلاة والسلام ولما اقترب من تبوك تخلف أبو ذر الغفاري، فقال: أين أبو ذر؟

قالوا: تخلف يا رسول الله! قال: إن يرد الله به خيراً يلحقه معنا، وإن لم يرد الله به خيراً لا يلحقه بنا.

كان أبو ذر له جملاً، فضربه وأراده أن يرتحل ولكن الجمل ما فعل، فأخذ متاعه على ظهره وترك الجمل، وأتى يقتلع خطاه في الصحراء، ليلحق بالرسول عليه الصلاة والسلام، فلما اقترب قال صلى الله عليه وسلم: {كن أبا ذر} فكان أبا ذر.

وكان صلى الله عليه وسلم ودموعه تهراق من عينيه يقول: {رحمك الله يا أبا ذر!

تعيش وحدك، وتموت وحدك، وتبعث وحدك}

يقول: أحد الفضلاء المعاصرين: " تعيش وحدك؛ لأن مبادئك وحسناتك لا تترك لك من يزاحكمك، وتموت وحدك؛ لأن ميثاقك واحد، وتبعث وحدك؛ لأنك صادق أمة واحدة ".

ونزل صلى الله عليه وسلم في تبوك، وتمر به صلى الله عليه وسلم قصص هائلة يجدها من يتدبر السيرة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>