ذكر الله هذا المرض عن فرعون في سؤاله موسى:{قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}[طه:٤٩ - ٥٠] فهذا مرض شبهة: شك في الخلق، وفي الخالق تبارك وتعالى.
ولذلك يقول موسى لهذا الخبيث الملحد:{قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً}[الإسراء:١٠٢].
ولذلك يقول هارون الرشيد -كما أورد ابن كثير ذلك في تفسيره في سورة البقرة- يقول وهو عند الإمام مالك: يا أبا عبد الله! ما دليل القدرة؟ -هو لم يشك، لكن من باب ورود الشبهة- قال: ما دليل قدرة الله عز وجل؟
قال الإمام مالك: عجباً لك!! اختلاف الأصوات والنغمات، وتعدد الهيئات دليل على رب الأرض والسماوات.
وأورد ابن كثير أن أبا حنيفة سُئِلَ هذا السؤال، فقال: ذكر لي سفينة تمخر عباب دجلة، وتقف في الشاطئ، ثم تنزل حمولتها ليس لها ربان ولا ركاب ولا حرس، قالوا: هذا جنون!
قال: يا سبحان الله!! أَكَوْنٌ وسماء وأرض ونجوم وقمر وشمس ليس لها مدبر؟! بل هو السميع البصير.
وعرض هذا السؤال أيضاً على الإمام أحمد كما ذكر ذلك ابن كثير، فقال: سبحان الله! هذه البيضة -بيضة الدجاجة، أو بيضة أي طائر آخر- أما سطحها ففضة بيضاء، وأما باطنها فذهب إبريز، تفقس فيخرج منها حيوان سميع بصير، ألا يدل على السميع البصير؟!
ويقول الشافعي كما ذكر ذلك ابن كثير في البداية والنهاية: ورقة الإبريسم تأكلها الدودة فتخرج حريراً، وتأكلها الغزال فتخرجها مسكاً، وتأكلها النحلة فتخرجها عسلاً، ألا يدل ذلك على السميع البصير؟!