للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التوجيه إلى حفظ القرآن والعلم]

السؤال

كيف توجهنا إلى حفظ القرآن ثم الفقه فيه، ثم طلب العلم؟

الجواب

هذا يحتاج إلى كتب وجلسات طويلة وأحسن من ألف لطلبة العلم كتاب صيد الخاطر لـ ابن الجوزي، فقد أتى بمنهج وبرنامج لطالب العلم كيف يطلب العلم، وكتاب أدب الطلب ومنتهى الأرب للشوكاني، وكتاب الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي، لكن الظاهرة عند كثير من الشباب أنهم يبدءون بالمتون قبل القرآن، سبحان الله! كيف يقدمون مالم يقدمه الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، تجد أحدهم يتشاغل بمتن زاد المستقنع أو الرحبية وهو لم يحفظ شيئاً من القرآن وهذا خطأ، فهو استفراغ للجهد والعقل والطاقة والوقت وهو لم يحفظ كتاب الله عز وجل.

فأنا أوصي نفسي وإخواني بحفظ كتاب الله، وإذا حفظ كتاب الله فقل على المتون السلام، إذا جاء بعد القرآن شيء فليكن بعده الحديث، وإذا شاء غيره فزيادة في الخير، لكن إذا كان ولابد فلا يبدأ ولا يقدم على القرآن شيئاً، بل لابد أن يكون القرآن هو المقدم، وحفظ القرآن له أسباب، ومن أعظم أسباب حفظ القرآن والعون على حفظ القرآن: تقوى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة:٢٨٢] والمسألة الثانية: كثرة الاستغفار، وكثرة التوبة.

ذُكر عن ابن تيمية أنه كان يقول: إنها لتعجم عليَّ المسألة -يعني: تشتد وتصعب- فأستغفر الله ألف مرة أو أكثر أو أقل فيفتحها الله عليَّ.

والله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يقول للرسول صلى الله عليه وسلم لما ذكره بالحكم: {لتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} [النساء:١٠٥] ثم قال له في آخر الآيات: {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً} [النساء:١٠٦] قال بعض أهل العلم يؤخذ منه أن من أراد أن يستنبط أو يفقه أو يفهم فعليه بكثرة الاستغفار.

ومن أسباب حفظ القرآن: التقليل من الحفظ، فالتقليل والمداومة أصلٌ عظيمٌ من أصول الحفظ، فإن أكثر ما يصاب به الشباب مسألة الإحباط، أن يأتي أحدهم إلى عشرين آية أو ثلاثين أو سورة كاملة فيجهد نفسه حتى يقصها يوماً من الأيام ثم لا يكون له روح في حفظ آيات أخر، فعلينا أن نقلل.

وقد كان الصحابة كما في حديث أبي العالية يأخذون القرآن خمساً خمساً، ثلاث آيات في اليوم أو أربع أو خمس وتكرر كثيراً.

ومما يعين على حفظ القرآن: أن يقام بهذا المقروء في النوافل، وفي الصلوات المفروضات وفي قيام الليل.

ومما يعين على حفظه: أن يكون هناك وقت للمراجعة والمدارسة مع الإخوان أو مع نفسه.

ومما يعين على حفظه: معرفة التفسير، لأن تفسير المعاني وأسباب النزول ودلالة الألفاظ وغريب القرآن تعينك بإذن الله على حفظه، فإن من يحفظ التذييل في الآيات يعرف أن الآية لابد أن يكون آخرها هكذا (لعلكم تعقلون) (لعلكم تذكرون) (لعلكم تفقهون) لا تأتي إلا بمناسبة معرفة المعنى، وهذه يقع فيها كثير ممن لا يعرفون معاني الآيات، فيذيل من عنده في بعض المناسبات، ولو عرف المعنى لأعانه على حفظ القرآن بإذنه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

<<  <  ج:
ص:  >  >>