لقد كفل النبي صلى الله عليه وسلم شقيق أبيه، أبو طالب , الذي مات مشركاً, وحاول عليه الصلاة والسلام أن يهديه إلى الله عز وجل, ولكن سبق الكتاب، قال تعالى:{إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} القصص:٥٦].
وأبو طالب كان يدافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم, وهو صاحب القصيدة المشهورة في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم والتي يقول فيها:
فكان له رحيماً، وعليه غيوراً, ويذكر في السيرة أن أبا طالب لما أتاه كفار قريش، وقالوا: يا أبا طالب! إن ابن أخيك سب آلهتنا، وشتمنا، وسفَّه أحلامنا, فإن كان ابن أخيك مطبوباً -أي: مسحوراً- داويناه, وإن كان يريد ملكاً ملَّكناه, وإن كان يريد مالاً جمعنا له مالاً, وإن كان يريد زوجة زوجناه بأحسن فتاة في مكة , فقال أبو طالب للرسول عليه الصلاة والسلام هذا الكلام, قال:{يا عم! والذي نفسي بيده، لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه} قال: وكان أبو طالب مقلاً من المال, فبارك الله له في قليله, وكان الرسول صلى الله عليه وسلم في مدة كفالة عمه مثال القناعة والبعد عن السفاسف التي يشتغل بها الأطفال عادة, كما روت ذلك أم أيمن حاضنته, لأنه صلى الله عليه وسلم كان مرشحاً لهداية الناس لرب العالمين, وبالفعل تم هذا, ولم تأخذ عليه الصلاة والسلام صبوة ولا انحراف في خلقه ولا في سلوكه, فكان إذا أقبل وقت الأكل، جاء الأولاد يختطفونه وهو قانع بما سييسره الله له.