للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[البيعة على الإسلام]

يقول عليه الصلاة والسلام: {أبايعكم على ألا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفَّى منكم؛ فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فأُخِذَ به في الدنيا؛ فهو كفارة وطهور، ومن ستره الله؛ فذلك إلى الله عز وجل إن شاء عذَّبه وإن شاء غفر له} متفق عليه، ورواه: أحمد والترمذي والنسائي عن عبادة بن الصامت، وسنده صحيح.

وفيه مسائل:

البيعة على الإسلام التي بايعها الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه.

وقوله {ولا تسرقوا} النهي عن كبائر الذنوب، ومنها: السرقة.

والخوارج يكفرون بكبائر الذنوب، وأهل السنة يقولون: من ارتكب كبيرة فهو فاسق بكبيرته لا زال مسلماً، فشارب الخمر مسلم، وكذلك السارق، والزاني؛ لكنه خرج من دائرة الإيمان وأصبح فاسقاً، فيسمى فاسقاً عند المسلمين، ويسمى عند الخوارج كافراً.

والخوارج يخلِّدونه في النار خالداً مخلداً لا يخرج منها، وأهل السنة يقولون: قد يدخل النار ويعذب، ثم يخرجه الله؛ لأنه موحد، وهو تحت رحمة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.

هذه من مسائل الخوارج.

قال صلى الله عليه وسلم: {ولا تقتلوا أولادكم} لأن العرب قبل الإسلام كانوا يقتلون الأولاد خشية أن يطعموا معهم: {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:٨ - ٩] وكان أبو بكر يقرأ {وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} [التكوير:٨ - ٩] قُتِلْتِ: أي: يسألها الله.

وأول من وأد جارية في العرب هو: قيس بن عاصم المُنْقَرِي سيد العرب، وأحلمهم وأكرمهم قبل الإسلام.

وأول من أحيا الجواري، ومنعهن من القتل أبو الفرزدق أو جدُّه.

ومنا الذي منع الوائدات وأحـ ـيا الوئيد فلم توءد

وقوله: {ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم} قيل: الزنا، وقيل: هي أن تحمل المرأة من غير زوجها.

وقوله: {ولا تعصوني في معروف} أي بشرط: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ لكن الطاعة في المعروف، فمن أمرك بمعروف فأطعه، ومن أمرك بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، هذه قاعدة.

{فمن وفَّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فأُخِذ به في الدنيا، فهو كفارة وطهور} والحدود كفارات على الصحيح من أُخِذ وتاب وجلد في خمر، أو قُطِع في سرقة ثم تاب كانت كفارة له، لا يكرر الله عليه العقوبة، أما من لم يتب وأُخِذ عليه الحد، فلا يزال العقاب ينتظره، وإن شاء الله عذبه، وإن شاء غفر له.

{ومن ستره الله، فهو إلى الله عز وجل إن شاء عذبه وإن شاء غفر له} والدرس المهم هنا -أيها الإخوة الأبرار- أن على المسلم إذا ألَمَّ بذنب أن يستغفر الله، ويتوب، وأن يستر نفسه؛ فإن الله يغفر إلاَّ للمجاهرين بالخطايا، والمجاهرون هم الذين يبيتون يسترهم الله فيخرج أحدهم في الصباح يقول: فعلتُ كذا وكذا البارحة، فيفضحه الله في الدنيا ولا يغفر له في الآخرة {كل أمتي معافىً إلاَّ المجاهرون} الذين يجاهرون بالذنوب والخطايا.

فلنتب ولنستغفر، {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:١٣٥] اللهم تب علينا يا رب العالمين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>