للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[خطر انتقاص العلماء]

وأما انتقاص أهل العلم فهو علامة خذلان الرجل، ولحومهم مسمومة، كل شيء إلا العلماء وطلبة العلم والدعاة إلى الله عز وجل، وأهل الاستقامة، وأهل الخير والفضل، وتنقصهم علامة النفاق والخذلان، يقول الله عز وجل: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة:٦٦].

وهذا مسلك الخوارج، مع أنهم قاموا الليل حتى أصبح وجه أحدهم كركبة البعير، وفي صحيح مسلم من رواية أبي سعيد وأصل الحديث في البخاري يقول عليه الصلاة والسلام: {تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم، وقيامكم إلى قيامهم، وقراءتكم إلى قراءتهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد} فالعبرة ليست بكثرة صيام ولا صلاة، العمل فقه في الدين وتعلم، ثم عملٌ بما تعلمت، ولذلك كفَّر الصحابةَ الخوارجُ واستحلوا دماءهم فقتلوا عبد الله بن خبيب؛ لقلة فقههم في دين الله عز وجل.

فانتقاص العلماء من أكبر الجرائم سافر صلى الله عليه وسلم والصحابة إلى تبوك، فوقع بعض الناس في عرض الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، وقالوا: ما رأينا كقرائنا أرغب بطوناً ولا أجبن عند اللقاء.

أي: ما أكثر أكلهم! وهذه الكلمة سهلة فيما يبدو، وبعض الناس يتفكه على لحى الدعاة وعلى ثيابهم أنها قصيرة، وعلى السواك، ويقوم ليحاكيهم في حركاتهم وكلماتهم، وكأنه أمر سهل، وقع ناس في عهده صلى الله عليه وسلم في هذا فنزل جبريل وقال للرسول عليه الصلاة والسلام: أدرك قوماً في آخر معسكرك هلكوا قال: كيف هلكوا؟ قال: دخلوا النار، فأخبره جبريل بما قالوا، فقام عليه الصلاة والسلام يؤنبهم، فقاموا يأخذون بخطام بغلته أو ناقته ويقولون: إنما كنا نخوض ونلعب -أي: كنا نقطع من النهار ونمزح- فقال الله من فوق سبع سماوات: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة:٦٥]} أآيات الله يُسْتَهزأ بها؟! أرسول الهداية والعلماء وطلبة العلم والمساجد والمصاحف؟! هذه دونها قطع الرءوس، امزح في كل شيء إلا ما يليق بالإسلام، واليوم الآخر، والعلماء، وكتب العلم، وطلبة العلم، والمساجد.

<<  <  ج:
ص:  >  >>