للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[النصر بالطاعة والصلوات]

وجيوش لا تصلي كيف تنتصر؟

جيوش لا تعرف الله كيف تتوجه إلى الله؟!

كيف ينزل النصر والفتح والرزق إلا من عند الواحد الأحد؟!

النصر من هناك وليس من الأرض، أتينا إلى الدنيا وما عندنا إلا خيول قليلة، وثياب ممزقة، ورماح مكسرة، ففتحنا الدنيا، سعد بن أبي وقاص حضر القادسية بثلاثين ألفاً، وجيش فارس مائتان وثمانون ألفاً، فقام سعد يصلي الظهر بالمسلمين، فقال: الله أكبر، فكبر معه ثلاثون ألفاً، ركع فركعوا معه في لحظة واحدة، فسجد فسجدوا جميعاً؛ فقام رستم قائد فارس وهو ينظر من بعيد إلى الجيش بانتظام، فعظ أنامله وقال: (علم محمد الكلاب الأدب) بل علم صلى الله عليه وسلم الأسود الأدب وقبل المعركة قال رستم قائد فارس لـ سعد: أريد أن ترسل لي جندياً من جنودك لأكلمه فهو يريد أن يعرف ماذا أصاب العرب، أمة جاهلة بدوية تريد أن تفتح الدنيا، ماذا أتاهم؟! هل أتاهم مس من الشيطان أو صرع من الجان؟! لا.

بل أتاهم وحي من الرحمن.

فأرسل سعد الصحابي ربعي بن عامر في الثلاثين من عمره وقال: [[لا تغير من هيئتك شيئاً فإنا لم نفتح الدنيا إلا بطاعة الله]] يقول: لا تأخذ شيئاً، لا تلبس تاجاً ولا ذهباً ولا حريراً، كن على هيئتك؛ لأن مبادئنا في قلوبنا، وإرادتنا تحطم الحديد فذهب ربعي بفرسه ورمحه وثيابه، ودخل بلاط رستم فلما رآه هو ووزراؤه وقواد الجيوش ضحكوا، قال رستم: جئتم تفتحون الدنيا بهذا الفرس المعقور والرمح المثلم، والثياب الممزقة! قال ربعي: [[إي والله، إن الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد، إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام]].

وبدأت المعركة، وفي ثلاثة أيام صفى سعد حساب المجرم وسحقهم في الساحة: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:٤٥] ودخل إيوان كسرى فكبر فانصدع الإيوان، ودمعت عينا سعد وقال: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} [الدخان:٢٥ - ٢٩].

حاصر قتيبة بن مسلم مدينة كابل ليفتحها، وقبل الحصار قال: [[التمسوا لي محمد بن واسع، العابد الزاهد أحد العباد الكبار فذهبوا فوجدوه قد صلى ركعتي الضحى واتكأ على رمحه ورفع سبابته إلى الواحد الأحد]] من أين يأتي النصر والفتح إلا من الله.

ومن أين يأتي الرزق إلا من الله.

يا حافظ الآمال أنتت حميتني ورعيتني

وعدا الظلوم علي كي يجتاحني فمنعتني

فانقاد لي متخشعاً لما رآك نصرتني

دخلت بعض الجيوش العربية إسرائيل ومكتوب على بعض الأعلام:

آمنت بـ البعث رباً لا شريك له وبالعروبة ديناً ما له ثان

وضربت الدبابات في الصباح، وإذا بالجيوش قد دخلت بلادها مهزومة، وإذا الثكالى يندبن وينتفن رءوسهن، وإذا موشي ديان يتكلم على الشاشة ويضحك ويقول: العرب لا يعرفون القتال، ابن القرد والخنزير يتكلم على أناس تركوا الصلوات الخمس، وكفر بعضهم بالواحد الأحد فأخذهم؛ لأنه واجه في الساحة شكلاً آخر غير الشكل الذي واجه الصحابة به اليهود، ليسوا من أحفاد خالد وسعد وطارق وصلاح الدين ورجل آخر يقول في مجمع وهم يصفقون له:

هبوا لي ديناً يجعل العرب أمة وسيروا بجثماني على دين برهم

يقول: أعطوا لي ديناً يجمع العرب غير الإسلام:

بلادك قدمها على كل ملة ومن أجلها أفطر ومن أجلها صم

فكان جزاؤه ما علمتم من تنكيس في خلقه وفي خلقه، نسأل الله العافية.

قال قتيبة بن مسلم: [[التمسوا لي محمد بن واسع، فوجدوه يمد إصبعه ويدعو الله بالنصر، فعادوا إلى قتيبة فأخبروه، فقال: الحمد لله، والذي نفسي بيده لأصبع محمد بن واسع خير عندي من مائة ألف سيف شهير، ومن مائة ألف شاب طرير]] فإذا علم ذلك فلا نطلب التوفيق إلا من الواحد الأحد، والتوفيق إنما يأتي بأن نصلح ما بيننا وبين الله، ليصلح ما بيننا وبين الناس.

يقول أحد الصالحين: والله إني لأعصي الله فأعرف ذلك في خلق دابتي وفي خلق خادمي.

من يعص الله يصعب عليه كل أمر، مسئوله لا يرضى عنه، وأمته لا ترضى عنه، وولاة الأمور لا يرضون عنه، ومن تردى برداء ألبسه الله ذلك الرداء.

فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب

وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب

إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب

<<  <  ج:
ص:  >  >>