[التربية على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وحبه]
يا أيها المسلمون! يا أمة لا إله إلا الله! نحن لا نعترف بالدروشة، الإسلام عميق يجعلك مسلماً في البيت وفي السوق وفي البقالة وفي المكتب وفي الوظيفة، هذه حياة المسلم، وهذه أصالته.
ويا أيتها الأم التي أرضعت طفلها اللبن: أرضعيه لا إله إلا الله محمد رسول الله، أرضعيه الإيمان والحب والطموح، لينشأ مسلماً {كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانة} أنتِ المسئولة، والله لو علَّمت طفلك الإيمان، ما زاغ وما ألحد ولا أصبح حداثياً زنديقاً.
والله لو علمته الإيمان، ما تفسخ وفسق وعهر وتفلت عليك وعلى أبيه وعلى البيت.
والله لو لقنته الإيمان لخرج باراً رشيداً عاقلاً مسلماً جبهته في السماء، والله لو لقنته الإيمان لخرج داعية تبكي تحت أرجله أعواد المنابر، ينفع الإسلام والمسلمين، وينفع المستقبل الذي هو لهذا الدين.
وأنت أيها الأب! أنت بعكازتك لا تجدي ولا تربي، إن الضرب لا يدخل به التوحيد للقلوب، وإن الحبس لا يعلم به الناس الإسلام، وإن السوط والحديد ليس من منهج الأنبياء والرسل، إن معنى الإسلام أن تدخل الإسلام والحب والطموح فتغرسه في صلاتك وصدقك وأمانتك ووضوحك.
قل لي بالله أيها الأب! كيف تصلي وتقبع كالعجوز في بيتك، والمسلمون أعلنوا تفوق الإسلام يوم صفوا الصفوف في المسجد، تعال إذا سمعت الله أكبر الله أكبر فأثبت إيمانك بالدخول إلى المسجد، وإن لم تفعل فقد أثبت فشلك وانهزاميتك، وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود: [[أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى، وإن الصلاة من سنن الهدى، والله لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد رأيتنا يؤتى بالرجل من المرض يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف]] مريض، لكنه ما استطاع أن يصلي في البيت.
فيا شباب الإسلام! يا أهل العضلات! يا أهل الأوقات! يا أهل المطعومات والمشروبات، والفلل والمركوبات! هذا هو الإسلام في المسجد، إسلام صفوف، إسلام إعلان وعمل: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة:١٠٥].
عامر بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، كان يرفع كفيه مع كل صباح، قالوا: مالك؟ قال: أسأل الله الميتة الحسنة؟ قالوا: ما هي الميتة الحسنة؟ قال: أن يتوفاني ربي وأنا ساجد، فحضرته سكرات الموت في صلاة المغرب وهو في البيت، فسمع أذان المغرب، قال: احملوني إلى المسجد، قالوا: أنت في سكرات الموت والله عذرك.
قال: سبحان الله! أسمع حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح ولا أجيب داعي الله! لا والله.
فحملوه على الأكتاف، هذا هو الحب والإيمان والطموح، وأنزلوه فصلى مع الناس، فلما أصبح في آخر سجدة قبض الله روحه فسبحان الله.
ألا لا أحب السير إلا مصعداً ولا البرق إلا أن يكون يمانيا
يقول سعيد بن المسيب: [[الحمد لله: والله ما فاتتني تكبيرة الإحرام في جماعة منذ أربعين سنة]] هنيئاً لك وحياك الله، هذا هو الإيمان والحب والطموح.
يقول الأعمش سليمان بن مهران راو في الصحيحين سماه الذهبي: شيخ الإسلام، يقول لأبنائه وهم يبكون عليه: ابكوا أو لا تبكوا، والله ما فاتتني تكبيرة الإحرام مع الجماعة ستين سنة.
رحمك الله، والله لقد أحسنت إلى نفسك وما أحسنت إلا إلى نفسك.
نعم.
من تردى تردى على نفسه، ومن أحسن أحسن إلى نفسه، فهنيئاً لأولئك الملأ.
سعد بن أبي وقاص يقول عنه الذهبي لما حضرته الوفاة، من الذي لا يعرف سعداً، الذي لا يعرف سعداً كأنه لا يعرف شيئاً.
بينما يذكرنني أبصرنني عند قيد الميل يسعى بي الأغر
قلت تعرفن الفتى قلن نعم قد عرفناه وهل يخفى القمر
أحد العشرة المبشرين بالجنة، الذي دكدك إمبراطورية كسرى، دخل المدائن فلما رأى إيوان العمالة والضلالة والدجل، قال: الله أكبر فانصدع الإيوان، وأخذت تدمع عيناه ويقول: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ} [الدخان:٢٥ - ٢٦] سعد بن أبي وقاص الذي يقول: يا رسول الله! ادع الله أن أكون مستجاب الدعوة، قال: {يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة} ثم قال عليه الصلاة والسلام له: {اللهم أجب دعوته وسدد رميته} فحضر غزوة أحد -والحديث في الصحيحين - كان يأتي بأسهمه في أحد إلى الكفار فيطلق السهم فلا يقع إلا في عين كافر، لأنه مسدد الرمية، فانتشى عليه الصلاة والسلام، وفرح وأخذ يتبسم ويعطيه الأسهم، ويقول: {ارم سعد فداك أبي وأمي}.
ما نازل الفرس إلا خاب نازلهم ولا رمى الروم إلا طاش راميها
تسعون معركة مرت محجلة من بعد عشر بنان الفتح يحصيها
هؤلاء أبطال الإسلام، سعد لا بأس أن أقف معه قليلاً:
حضرته الوفاة وهو في الغابة أو في الصحراء، فبكت ابنته عائشة، فقال: {ابكي أو لا تبكي، والله إني من أهل الجنة}.
قال الذهبي: صدقت هنيئاً لك.
ونحن نقول: نشهد بالله أنك من أهل الجنة؛ لأنها بشهادة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
إن تاريخاً ليس فيه محمد ولا أصحابه، تاريخ وثنية وتاريخ تخلف، وتاريخ ملعون.
يقول الذهبي في ترجمة ابن الراوندي الفيلسوف المحسوب على الإسلام، قال: بسم الله الرحمن الرحيم، ابن الراوندي الكلب المعثر ابن الراوندي الملحد، لأن ابن خلكان ترجم لـ ابن الراوندي فذكر أدبه وشعره ونسي عمالته، وضلالته وإلحاده، فيقول ابن كثير: ابن خلكان، ترجم لـ ابن الراوندي وترك إلحاده كأن الكلب ما أكل له عجيناً، ما كأنه اعتدى على حرمات الإسلام، ولذلك نأتي الآن نصفق للأدباء وهم ضلال زنادقة، ونمدح كثيراً من المغنيين وهم الذين أفسدوا الأمة، وما قدموا لها شيئاً، هم الذين سفكوا دم الأمة، وأذهبوا مروءتها، وهم الذين أخذوا لباسها وجلالها وعظمتها، إي والله، هذا هو المعهود، ولذلك يأتي ابن سيناء في بعض الأقسام العلمية، فيقولون: قسم ابن سيناء، ابن سيناء فرخ من فروخ الصابئة، وذنب من أذناب المجوس، يقول ابن تيمية عن كلمة عنه: إن كان صح عنه ما يقول، فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين.
هذا ابن الراوندي ألف كتاب الدامغ على القرآن، قال الذهبي: كان ذكياً، نعم.
من أذكياء العالم، لكنه قال: لعن الله الذكاء بلا إيمان، وحي الله البلادة بالتقوى، بليد مؤمن أحسن من ذكي عبقري كافر، لأن الكافر في مسلاخ الحمار والكلب، أرأيت الحمار والكلب هو لا يقدم خيراً لنفسه، ولا لأمته.
فيا أيتها الأمة! كيف نجعل من الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة؟
أن نلقن أبناءنا حب الرسول صلى الله عليه وسلم ونعلمهم بعظمة الرسول صلى الله عليه وسلم.
حدثني بعض الإخوة أن في البوادي في بلادنا من يأتون إلى كتاب عنترة بن شداد، بدو فيدرسون أبناءهم على السرج سيرة عنترة بن شداد ماذا فعل عنترة بن شداد؟ أسك أصم لا يعرف شيئاً، كان يذبح ويجلد بلا شريعة وثني، فيعلمونه فينشأ هذا الطفل وأعظم شخصية عنده في الحياة عنترة بن شداد، والجارية تودد والزير سالم، والجساسة، وفلانة وفلانة خزعبلات لماذا؟
لأنهم ما وجدوا من الدعاة الذين يعرضون لهم الدعوة في البوادي، نحن اشتغلنا بالماجستير والدكتوراه، نقابل بين نسخة بولاق، ونسخة دار الشروق، وضاعت الأمة، بين بياض بالأصل، بل سواد في الأصل -أنا لا أقول: إن هذه الرسالة لا تنفع، بل هي مطلوبة وجديرة، ولكن من لتعليم الأمة؟ ومن لتعليم الجهاد؟ من لهؤلاء البدو الرحل لإخراجهم من الضلالات والجهالات وتعليمهم الوضوء؟
إذا أتينا نحاضر البدو قلنا: تنطلق دعوة الإسلام وديكتاتورية الدعوة في الإسلام من أطر، لا يفهمون الأطر، ولا ديكتاتورية ولا بوتقة، يفهمون (قال الله، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم) الحديث طويل وطويل، ولكن للأسئلة مكان ولها دور، وخير المتكلمين من سكت والناس يقولون: ليته يتكلم، وشر المتكلمين من يتكلم والناس يقولون: ليته يسكت، فأعوذ بالله أن أكون من الثاني.
قال الجدار للوتد لم تشقني قال اسأل من يدقني
فشكر الله لكم:
زاد معروفك عندي عظماً وهو في نفسك مشهور خطير
تتناساه كأن لم تأته وهو عند الناس مشهور كبير
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.