للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أبو ذر يطلب الإمارة من رسول الله]

ومن ضمن مواقفه مع الرسول عليه الصلاة والسلام أنه رأى الرسول عليه الصلاة والسلام يولي الناس الإمارة، فأتى قال: وليت فلاناً وفلاناً، فولني قال: إنك امرؤ ضعيف، وفي لفظ صحيح: {والله يا أبا ذر إني أحب لك ما أحب لنفسي، إنك امرؤ ضعيف، إنها أمانة ,وإنها خزي وندامة يوم القيامة} فترك الإمارة، فالرسول عليه الصلاة والسلام عرف أنه ضعيف قالوا: شديد العجلة، وكثير الغضب، والإمارة منصب يحتاج إلى رجل واسع الصدر، وهذا لا يقلل من الأولياء؛ لأن بعض الناس يتصور أن ولي الله يشترط فيه أن يكون ذكياً من الدرجة الأولى، طبيباً مهندساً مفتياً عالماً، وقد يجهل الولي كثيراً من الأمور، وقد لا يعرف الولي أمور الدنيا، ولذلك الذهبي لما ترجم لـ ابن الريوندي هذا الملحد الزنديق الفيلسوف الشاعر، يقول كان ذكياً ولكن لم يكن مؤمناً، ما كان متقياً لله، قال: فلعن الله الذكاء بلا إيمان، وحيا الله البلادة بالتقوى، فلا يظن متصور أنه يشترط في أولياء الله أن يكونوا في درجة ممتازة من الذكاء.

أما بلال بن رباح فأسلم قديماً مع الرسول عليه الصلاة والسلام، وتبعه في أيامه ولياليه، وكان مؤذنه دائماً وأبداً، وكان يحبه صلى الله عليه وسلم، وكان صوته ينساب إلى القلوب بصوت الإيمان، وحرارة الإيمان في الأذان، ولذلك جعله صلى الله عليه وسلم مؤذنه الخاص، بل وفي صحيح مسلم لكن باختصار أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: {دخلت الجنة البارحة، فرأيت دف نعليك في الجنة يا بلال! ماذا كنت تفعل؟ قال: يا رسول الله! والله ما توضأت في ساعةٍ من ليلٍ أو نهارٍ، إلا صليت ركعتين} فهذه من أعماله الصالحة رضي الله عنه وأرضاه وهو من أهل الجنة إن شاء الله، تخلف بعد الرسول عليه الصلاة والسلام، وطلب منه أبو بكر أن يؤذن للمسلمين فأبى، وطلب منه عمر فأبى، فلما فتح عمر رضي الله عنه بيت المقدس قال لـ بلال: سألتك بالله أن تؤذن، فقام يؤذن فبكى الناس، لما تذكروا ذاك الصوت وتلك الذكريات، وتلك الأيام الخالدة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>