[المستقبل للإسلام]
أيها الاخوة الفضلاء: أشكر من شاركنا في هذا المكان الطيب من إخوتنا المشايخ والدعاة، والأخيار والقضاة والأحبة، وأسأل الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن يجمعنا بهم في دار الكرامة، وقد ذكرنا هذا المجلس بأبيات زهير بن أبي سلمى:
وفيهم مقامات الحسان وجوههم وأندية ينتادها النبل والفضلُ
جزى الله رب الناس خير جزائه وأبلاهم خير البلاء الذي يبلو
وما كان من خير أتوه فإنما توارثه آباء آبائهم قبلُ
وهل ينبت الخطي إلا وشيجه وتغرس إلا في مغارسها النخلُ
أباؤكم هم: معاذ، أُبي، سعد، سلمان، طارق، خالد بن الوليد، فلا عجب أن تنبعث طائفة من المؤمنين تقول:
نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثلما فعلوا
ونتكلم كما تكلموا، ونقرئ الناس ونعلمهم ونرشدهم كما فعل أولئك، وليس على الله بعزيز! وفي مسند أحمد عن أنس قال صلى الله عليه وسلم: {أمتي كالغيث لا يدرى الخير في أوله أم في آخره} سبحانك ربي! أية أمة معطاءة! أو أية أمة مجيدة! كلما قالوا: خمدت، خرج منها آلاف الشهداء، وآلاف العظماء، وآلاف الخطباء، وآلاف الأدباء، وآلاف الدعاة.
ضجت أفغانستان قبل ثلاث عشرة سنة، وظن الناس أن الشيوعية سوف تسحقها، فخرج الأبطال في شوارع كابل يحملون الكلاشنكوف ويقولون:
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا
فمن أخرجهم؟ أخرجتهم لا إله إلا الله، وأهل الصومال يخرجون من بين شجر الكاكاو يقولون:
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا
وفي سراييفو وفي بورما وفي كشمير وفي كل بلد، ميراث محمد صلى الله عليه وسلم ودعاته وجيله وأحبابه الذين يريدون أن يركبوا في سفينته، ولن ينجو إلا من ركب في هذه السفينة.
أما الذي لا يركب في سفينته فلا يطمع مرة من المرات أنه سوف ينجو، بل سوف يأخذه الطوفان ويهلك ويدمر: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:٤٥]
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على ألا تكون كمثله وأنك لم ترصد لما كان أرصدا
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.