أهل الحسبة يجوبون النوادي وتجمعات الناس والأسواق، ودكاكين الباعة وأهل الخياطة، والمجالس العامة والحوانيت وأهل الصياغة، فيأمرون وينهون بالحكمة والموعظة الحسنة.
إذاً: أهل الحسبة ليس لهم حد، وقضية تحجيم الدعوة في المساجد ليس بصحيح، الداعية يدخل إلى نوادي الرياضة يأمر وينهى؛ لأن محمداً صلى الله عليه وسلم دخل سوق عكاظ، الذي كان فيه خمر وزناً ورباً فأتى بجمله يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويدعو إلى لا إله إلا الله.
الداعية يدخل إلى المقاهي ينصحهم؛ لأن الذين أتكلم فيهم الآن في المسجد كلهم أولياء لله، سواء كان أحدهم ظالماً لنفسه أو مقتصداً أو سابقاً بالخيرات، لكن في المجمل هم أولياء لله، ولم يأتِ أحدهم إلا ليصلي، لكن قل لي: عشرات الناس الذين في المقاهي، والأندية، والشواطئ، من الذي يدعوهم إلى الله؟!
كل الذين أمامي أعرف أن باستطاعتهم أن يكونوا دعاة إلى الله، وأعرف أن منهم علماء ومشايخ أفضل من المتكلم وأعلم وأحرص على الدعوة.
في تجمع من التجمعات، عند عالم من العلماء، في إحدى المدن تجمع ستة آلاف شاب لحضور هذه المحاضرة، تكاثرهم الناس ورأوا أن العدد كثير -وهو كثير- فلما خرجوا من المحاضرة رأوا نادياً رياضياً، فوجدوا فيه ما يقارب ستين ألف شاب، اجتمعوا للتشجيع، ستة آلاف هنا وستون ألفاً هناك! لأن أهل الخير يوم يجتمعون في مكان يتكاثرون أنفسهم، لكن من يدعو هؤلاء الستين ويدخلهم المسجد، صحيح أن دعوة الناس الجاهزين سهلة، وأن الذين تهيئوا للهداية سهلة، ولكن من الذي يخرج الناس من الضلالة إلى الهدى إلا أولياء الله عز وجل، وهي مهمة الأنبياء والرسل، ولذلك الرجل كل الرجل من يأتي برجل من المقهى لا يعرف الله فيعرفه بالله، يأتي به إلى المسجد، أما من يتكلم في من هو متهيئ سني عابد فهذا أمره سهل، ولو أنه مأجور على كل حال.