انتهت حياته القصيرة وبدأت حياته الأخرى الطويلة الجميلة من الذكر الحسن، الخلود عند الواحد الأحد في الجنة، وأول إعلان للرسول عليه الصلاة والسلام عن سعد، عن هذه التضحيات والمكرمات، تأتي الآن الترجمة؛ وليست كتراجمنا نحن، فلان جمع فأوعى، فلان الدكتور، فلان الفيلسوف، فلان رئيس كذا، عميد كذا، أستاذ كذا، لا.
ترجمة أخرى لا يسمع بمثلها، وتأبين لم ينقل مثله.
أول كلمة للرسول صلى الله عليه وسلم يقول للناس وللعالم وللدنيا، تحفظها الكتب:{لقد اهتز عرش الرحمن اليوم لموت سعد بن معاذ} الدنيا بكت، الصحابة تأثروا، الجرح لا ينطفئ في القلوب، لكن أعظم من ذلك أن عرش الواحد الأحد الرحمن الديان المنان القهار الغفار الجبار جل في عليائه، الذي ما السموات السبع بالنسبة لعرشه إلا كسبع دراهم ألقيت في ترس، هذا العرش العظيم الضخم يهتز لموت سعد: {لقد اهتز عرش الرحمن لموت p=١٠٠٠٢٩٣> سعد}.
قال أهل العلم: وذلك فرحاً، ويا لها من خاتمة عظيمة! ويا له من مرد طيب! ويا له من منقلب حسن عند الله! إذ اهتز عرش الله لموت هذا الإمام العلم، الذي خلقه فصوره فشق سمعه وبصره، ثم رزقه الإيمان، ثم وفقه للجهاد، ثم قبض روحه ثم اهتز عرشه له، ثم أدخله جنات النعيم.
بإمكانك أن تتخذ من سيرة سعد مثلاً لك ولأبنائك ولجيلك ولطلابك، فيبقى أمامك هذا الإمام تعلمه وتدرسه وتتأثر بسيرته إن كان لك قلب، إن كان فيك ذرة من حياء، إن كان لك ضمير:{لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}[ق:٣٧].