للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مشكلة اقتناع المسلم بالأفكار الغربية]

السؤال

هناك من أبناء الأمة من عنده قناعة بالأفكار الغربية، فما هو تعليقك على هذا؟

الجواب

قال المعصوم عليه الصلاة والسلام: {لتتبعن سنن من كان قبلكم -كلمة (سَنَن) تُضْبَط عند أهل الحديث سَنَن وسُنَن، والسَّنَن: الطرق، والسُّنَن المعروفة: جمع سُنة- حذو القُذَّة بالقُذَّة، حتى لو دخلوا جُحر ضب لدخلتموه، قالوا: اليهود والنصارى؟ قال: فمن الناس إلا هم!} قال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم في كلام ما معناه: فمن فسد من علمائنا ففيه شبه باليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه بالنصارى.

ولذلك تجد ممن يتعلم العلم حتى يحمل الدكتوراه ويدرس في الخارج أو في الداخل من نكس الله فكره وقلبه، فهو كالكوز مجخياً، يفهم كل شيء إلا هذا الدين، وختم الله على قلبه، حتى إن بعضهم يقرأ ثمان ساعات من أربع وعشرين ساعة، لكن قراءته لا في الكتاب ولا في السنة، كلها كتب غربية وشرقية، المتردية والنطيحة وما أكل السبع: {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور:٤٠] حتى إن ابن تيمية يقول: أما كثرة الكتب بدون هداية فلا تزيد العبد إلا عمى، {قال صلى الله عليه وسلم وهو يتحدث مع زياد بن أبي لبيد من الأنصار الذي سأله بقوله: يا رسول الله! كيف يضل اليهود والنصارى وعندهم التوراة والإنجيل؟! والله! لنعلمن القرآن أبناءنا، ويعلمه أبناؤنا أبناءهم يا رسول الله! -أي: حتى لا يضل أحد- قال: ثكلتك أمك يا زياد! والذي نفسي بيده! لقد كنتُ أظنك من أفقه الرجال بـ المدينة، هذه التوراة عند اليهود والإنجيل عند النصارى ما أغنت عنهم شيئاً}.

فقضية وجود القرآن والسنة في المكتبات وقد نكس الله قلب العبد لا تنفعه أبداً، بل بيَّن بعض المفسرين وقال: من يقرأ القرآن وهو يشك في مبادئه ومناهجه يزيده الله عمىً بقراءته.

أي: أنه لو ترك القرآن لكان أحسن، حتى إن الله سبحانه وتعالى يقول: {وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمىً} [فصلت:٤٤] ويقول: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ} [مريم:٧٦] فالمهتدي يزيده هدىً.

فكثير من الناس يزيده الله عمىً ويطبع على قلبه بسبب أنه ما تصور دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، بل بعضهم يرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس كفيلاً بإصلاح العالم، ولا يستطيع ذلك صلى الله عليه وسلم ولا يقبل شريعته أصلاً، وبعضهم يذهب إلى هناك ثم يأتي مريض القلب، ختم الله على قلبه، فتجده يرى أن أباه وأمه وهم يصلون أنهم على انحراف، وأن سبب تأخر المسلمين هو الصلوات والدين، ولو ما ظاهر بذلك؛ لكنه يشاكس بها أحياناً في مقالات خفية، وفي مجالسه، ويبوح بسمه كالحية في جلساته الخاصة، فحسيبه الله سبحانه وتعالى، قال الله: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} [البقرة:١٤ - ١٦].

<<  <  ج:
ص:  >  >>