للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مقارنة بين حادثتين لصالح وطالح]

اعلم أن من ضيع الله في الطاعات بالمعاصي، وأن من ثبته الله على الطاعات يثبته حتى الموت، قال الله تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:٢٧] حدثني بعض الإخوة أن في الجزائر شاباً عابداً ولياً من الأولياء، وقع عليه حادث انقلاب في سيارة، فأغمي عليه ثلاثة أيام، أتدرون ماذا كان يقول في الثلاثة الأيام؟ كان يقرأ الفاتحة على لسانة وهو مغمى عليه لا يدرك شيئاً، كان يرددها صباح مساء حتى أتاه الموت.

شاب آخر بهذه البلاد أتاه حادث انقلاب سيارة، فوجد تحت العجلة وهو في حالة شنيعة، وهو يردد في إغماء: هل رأى الحب سكارى مثلنا {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:٢٧].

ذلك الشاب يوم نشأ على الفاتحة مات على الفاتحة، وهذا يوم نشأ على (هل رأى الحب سكارى مثلنا) هو وأمثاله؛ ما رأى أفشل منهم في الحياة، فمات على ذلك؛ لأن معتقده ومبدؤه ومنهجه، والله يثبت من يشاء ويضل من يشاء، لكن بأسباب وإرادات ومزاولة من العبد، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم إذا علم هذا فإن واجب العبد أن يكف عن المعاصي، وأن يتق الله ليثبته الله عز وجل ويأخذ بيده، ونحن نقر بنعم الله علينا ظاهرة وباطنة، لكن وجد من بيننا من بدلوا نعمة الله كفراً، كما قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} [إبراهيم:٢٨].

والذي يطالع الأحداث التي وقعت في الساحة قبل أيام؛ يرى أن هناك أناساً يعيشون بلا إدراك، وأنه ينقصهم الوعي، وأنه لابد على الداعية والأستاذ والأب في البيت أن يوجهوا ذلك الجيل

جيل ترك المسجد! فلما ترك المسجد أتى ليشغل فراغه بكل شيء، جيل يتابع أحداث ما كان لها أن تتابع فهدد الأمن، وأزعج الناس، وضيع وقته ومستقبله، أرى الكافر منا أن هذه أمتنا، وأن هذه رسالتنا في الحياة زمجرة ورقص، وتصفيق وشهيق ونهيق وزفير والإسلام بريء من هذا، بل هو دين ومبادئ خالدة، ورسالة في الحياة: {وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان:١٨ - ١٩] فالإسلام رسالة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>