[الواجب على من عصى الله]
السؤال
أنا أذنبت ذنباً وأريد أن أتوب إلى الله، فهل الواجب علي أن أسلم نفسي ليُقام عليَّ الحد؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب
ذكر ابن حجر العسقلاني في بلوغ المرام من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا أيها الناس! من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله تعالى، فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه الحد} رواه الحاكم.
وهذا حديث يؤكد هذه المسألة ويجيب عنها، فمن ابتلي بشيء من الذنب كبيراً أو صغيراً فليستتر بستر الله، وليتوب بينه وبين الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ولا يذهب إلى سلطة أو قاضٍ أو أمير أو أستاذ ليفضح نفسه، بل يستتر، والله ستير يحب الستر سبحانه وفي الصحيح: {إن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يضع كنفه على العبد يوم القيامة فيناديه، فيقول: عملت كذا يوم كذا وكذا، قال: نعم يا رب، قال: فإني سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم} وإنما يهلك في هذا الجانب المجاهرين بالمعاصي المتبجحين بتعدي حدود الله وانتهاك حرمات الله، تجد الفاجر يصبح وقحاً مسلوخ الحياة، يعصي الله في الليل، ويصبح ينشر معلوماته في الصحف في الصباح، يقول فعلت كذا وكذا وذهبت مع فلان وفعلنا كذا وكذا، ويلك من الله! ألا ترى أنك أمام الله ورقابته وعينه:
وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
دخل ثعلب الأديب على الإمام أحمد، قال: الإمام أحمد: من أنت؟ قال: أنا ثعلب، قال: ماذا تعمل؟ قال: أجمع القصائد والأدبيات، قال: أتحفظ شيئاً؟ قال: نعم، قال: أسمعني، قال: يقول أبو نواس:
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفي عليه يغيب
غفلنا لعمر الله حتى تتابعت ذنوب على آثارهن ذنوب
فقام الإمام أحمد وترك الدفاتر والمحبرة،، وهو إمام أهل السنة والجماعة الذي شُيع بألف ألف وستمائة ألف من بغداد، خرجت بغداد لتشييعه جميعاً، دخل غرفته وأغلق عليه الباب وبكى، قال ثعلب: والله إني كنت أسمع بكاءه وهو ينشد:
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
يوم تركنا الرقابة وملاحظة رقابة الله عز وجل، ولم نصل إلى درجة الإحسان، وقعنا فيما وقعنا فيه.
فإجابة السؤال يكفيه حديثه صلى الله عليه وسلم: {من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله تعالى فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه الحد}.
إذاً المطلوب أن تستتر وأن تتوب وألا تخبر أحداً، والله سوف يغفر ذنبك كما عند الترمذي: {يابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أُبالي، يابن آدم! لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرتها لك، يابن آدم! لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم جئتني لا تشرك بي شيئاً، لآتيتك بقرابها مغفرة} أو كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث القدسي المرفوع إلى رب العزة والجبروت تبارك وتعالى.