للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تقديس العادات ومعارضة الشرع بها]

بعض الناس رسخت في ذهنه عادات من عادات القبيلة والقرية والبادية والأهل والجدة والجد حتى لا يستطيع أن يتنازل عنها أبداً، فإذا أتيت بالدين قال: عشنا عليها، ونشأنا على هذه الأمور، وتأتينا أنت فيما بعد وتريد أن تغيرنا، الآن بصغرك وأنت ما زلت طفلاً تغير أشياء نشأنا عليها منذ خمسين سنة، فهؤلاء ككفار قريش الذين قالوا كما حكى الله عنهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف:٢٣] وبعضهم يقول: سلوف القبائل، حتى إنهم في بعض المكاتبات يقولون: فإذا اعتدي على واحد من القبيلة قامت القبيلة ضد تلك القبيلة جميعاً ومن تخلف فليس منا.

وهذا شرك، وهذا حلف باطل لا يجوز، فهو ظلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً} فأما مظلوماً فمعروف وأما ظالم فترده، وبعضهم يقول في نصر القبيلة:

ما للواحد إلا رفيقه إما باعه وإلا شراه

ليس للواحد إلا رفيقه في القبيلة فإما أن تبيعه في الدنيا أو تشتريه، سواء في الظلم أو في الباطل، فمهما يكن فأنت معه، وهذا حلف يخالف منهج الرسول عليه الصلاة والسلام، ويخالف الإخاء الإيماني الذي بعث به عليه الصلاة والسلام كما قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً} [آل عمران:١٠٣].

ومنهم من يقول: حشرني الله مع قبيلتي ولو في النار، أعوذ بالله! ويقول: لا أريد إلا قبيلتي ولو كانوا في جهنم، أي من حبهم وموالاتهم حتى على الباطل، ومنهم من يقوم فيحلف مع قبيلته على جبل لا يعرفه أو على أرض لا يعرفها، ولا يدري بما قال، وإنما من أجل القبيلة ويظن أن هذا موقف تظهر فيه الرجولة، وهذا من الحلف المبتدع المعاند لما بعث به عليه الصلاة والسلام.

وبعضهم يخالف في مسألة الحجاب، إذا أمرتهم بالحجاب رفضوا وقالوا: ليس في قلوبنا شيء، نشأنا والمرأة عندنا لا تتحجب، والجماعة إخوانها وأقاربها وأعمامها، وليس في قلوبنا شيء، قلوبنا نظيفة وطاهرة وطيبة، أما القراطيس التي أتيتم بها فلا نريد أن نسمعها، قال ابن القيم: يخالفون الشرع الحنيف بعاداتهم، فهي من الطواغيت، وهذا طاغوت يسمى طاغوت القبيلة وطاغوت القرية وطاغوت البادية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>