الأمل هو: أن تجعل في مخيلتك أنك ستعيش ستين أو سبعين أو ثمانين أو مائة سنة، ولذلك أكثر الشباب -ونحن منهم- لا يتصور الموت، ونظن أنه لا يموت إلا الكبار، وكأن عادة الناس أنه لا يموت الإنسان إلا إذا كبر، أو عمي، أو أصابه صمم، أما الصغار فنادراً أن يموتوا، وبالاستقراء يقولون: الموت في الشباب أكثر، وسبب طول الأمل (سوف) قالوا: من زرع شجرة سوف تنبت له نبتة لعل، فيها ثمرٌ اسمه ليت، يذوقه الإنسان وطعمه الخيبة والندامة، ولذلك فلا يردد (سوف) إلا أخيب الناس، اقرأ القرآن، قال: إن شاء الله سوف أقرأ، إن شاء الله سوف أحفظ، لماذا لا تتوب؟ قال: أنا مصمم وعندي تخطيط بإذن الله، لكن لا أريد أن يكتشفه أحد؛ لأن عندي تخطيطاً في أمور، فبعد أن أبني بيتاً، وبعد أن أتمم الأمور أتوب إلى الله توبةً نصوحا، وأحج إن شاء الله، ثم أتوب.
أتحج السنة هذه؟ قال: لا.
أنا إن شاء الله سوف أحدد الحج الذي أتوب فيه، ثم أتوب توبة ما بعدها توبة، ثم يموت وهو لم يتب بعد، لماذا لا تترك هذه المعصية؟ قال: أنا سوف أتركها، لكن هناك بعض الأمور والملابسات أنت لا تعرفها ولا يكتشفها إلا مثلي وأمثالي.
يقول ابن عثيمين الشاعر النجدي الميت رحمه الله:
نؤمل آمالاً ونرجو نتاجها وعلَّ الردى مما نرجيه أقرب
ونبني القصور المشمخرات في الهوا وفي علمنا أنا نموت وتخرب
وفي أولها يقول:
هو الموت ما منه ملاذ ومهرب متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
هذا ينزل، وذاك يركب، وكل يوم نودع غادياً ورائحاً إلى الله.