للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إنزال المسائل منازلها]

ومن آداب الدعوة عند أهل السنة والجماعة أن ينزلوا المسائل منازلها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد سبق شيء من هذا، لكن أقول: المنهج القرآني يعطي المسألة حجمها، العقيدة أخذت ثلاثة أرباع القرآن، الغيبة في آية أو آيتين، غض البصر في آية، خفض الصوت في آية، فلماذا تضخم أنت الجزئيات حتى تطغى على الكليات، وتقلل الكليات حتى تصبح جزئيات؟ لابد أن تكون حكيماً.

فوضع الندى في موضع السيف بالعلا مضركوضع السيف في موضع الندى

أتى عليه الصلاة والسلام إلى الحرم المكي يدعو إلى لا إله إلا الله محمد رسول الله، في قوم لا يعرفون الله، يشربون الخمر، يأكلون بالشمال، يتعاملون بالربا، يسبلون، أفمن الحكمة أن يقول: الإسبال حرام؟ أيستمع له أبو جهل وأبو لهب إذا قال: السنة أن يكون الثوب فوق الكعبين؟ وهل المسألة مسألة ثياب الآن؟ أيستمع له لو قال: الخمر حرام؟ فالمسألة أعظم من ذلك، وبعض الناس يذهب إلى بعض الوثنيين فيكلمهم في تربية اللحى، وما عليك لو ربى الوثني لحيته، أما كان - كاسترو - إلى سرته، وأمثاله من أعداء الله عَزَّ وَجَلّ لحاهم إلى أسفل صدورهم! وكذلك وكارل ماركس الذي يتبعه على إلحاده ولعنته في العالم ألف مليون، هذا عنده لحية طويلة، لكن على غير هدى، فماذا ينفعنا أن نربي الناس على جزئيات يتمثلونها والخراب من الداخل، هذا مثل رجل أتى إلى بيت مهدم من كل جهه فلطخه بالألوان فأظهر أنه جديد، وهو بيت مهدم يقول الله تعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة:١٠٩] تأتي إلى رجل لا يصلي في المسجد، فتقول: يا فلان! رأيتك قبل أسبوع تأكل بالشمال، وقد ورد فيها أحاديث في صحيح البخاري وصحيح مسلم، هو لا يعترف بك ولا بـ البخاري ولا بـ مسلم، يأكل باليمين، ولا يصلي بالمسجد، إبدأ بالتدرج.

ودليل التدرج في الدعوة ما في الصحيحين، من حديث معاذ: أن الرسول عليه الصلاة والسلام أرسله إلى اليمن وانظر الكلام، وانظر إلى المنهج الرباني الخالص، نحن نتحدى به عملاء الضلالة وأصنام الجهالة والأغبياء والأقزام في العالم، أهل المذكرات السخيفة الغبراء، التي هي كوجوههم، نحن نتكلم لهم بمنهج رباني، (قال الله وقال رسوله عليه الصلاة والسلام).

نسب كأن عليه من شمس الضحى نوراً ومن فلق الصباح عمودا

قال: {إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك، فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة} ثم سرد معه الحديث المتفق عليه، عجيب! هذا من أحسن المناهج التي يجب على المسلم أن يطبقها في الحياة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>