والدي مريضٌ منذ أربعين سنة تقريباً، وقد تعالج في بداية مرضه بالأدوية الشعبية والكي، وهو الآن صابرٌ، فما نصيحتكم له؟
الجواب
نسأل الله أن يأجره، وأن يرفع منزلته، وأن يلهمه السلوان، وأن يجعل جزاءه على ذلك جنةً عرضها السماوات والأرض، فإن مرضه أربعين سنة، يكفر السيئات والخطايا عنه، وقد ذكر ابن حجر في الإصابة أن عمران بن حصين أحد الصحابة مرض أربعين سنة، حتى كانت الملائكة تصافحه بأيمانها في السحر؛ لأنه صبر واحتسب، وقطعت رجل عروة فصبر واحتسب، ومرض الصالحون قديماً فصبروا واحتسبوا، فوصيتي لأبيك أن يصبر وأن يحتسب، وأن يعلم أن له بصبره على مرضه أجراً عظيماً.
والأمر الثاني: أن يحمد الله أن لم تكن المصيبة في دينه، لأن بعض الناس سمينٌ بطين يأكل ويشرب ومصيبته في دينه، ولذلك يقولون دائماً: يحمدون الله ويوجهون إلى النِعمة لا إلى النَعمة، فإن أعظم النعم نعمة الدين، فليست النعمة هي هذه الأشياء الظاهرة فقط، وليحمد الله أنها لم تكن في دينه، وإنما كانت في جسده وأن يعلم أن ثوابه عند الله عظيم.
وأوصيه بكثرة قول لا حول ولا قوة إلا بالله وأن يحمد الله، ففي حديثٍ يروى عن أبي الدرداء:{أول ما يحاسب الله الناس، يقول: أين الحامدون الذين يحمدون الله في السراء والضراء؟ وهم قومٌ ابتلاهم الله في الدنيا حتى تحاتت سيئاتهم، فيقول الله: ادخلوا الجنة بلا حساب، فيقولون: يا رب حاسبت الناس وتركتنا، قال: قد حاسبتكم في الدنيا! فيود قومٌ أنهم قرضوا بالمقاريض في الدنيا} أي: يودوا أنهم مرضوا واصابهم البؤس، وصح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أنس أنه قال:{يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيغمس غمسة في النار ثم يخرج، فيقول الله له: هل رأيت نعيماً قط؟ فيقول: لا يا رب! ويؤتى بأبأس أهل الدنيا وهو من أهل الجنة، فيغمس غمسة في الجنة، فيقول الله: هل رأيت بؤساً قط، فيقول: لا يا رب!}.
وفي الختام إلى لقاءٍ -إن شاء الله- في الدرس المقبل الذي سيكون بعنوان: ما ورد في وصف النار من الآثار في جامع الملك بـ أبها.