[واجبنا كطلاب علم]
أما نحن كطلاب وطلبة علم وتلاميذ فواجباتنا أربع واجبات:
أولها وأعظمها: رقابة الله في هذا العلم، وأن نأتي بلهف وشوق وحرص على هذا الطلب، ونحمد الله أن شرفنا بأن جعلنا طلبة علم، ثم نسأله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى دائماً وأبداً أن يفتح علينا من فتوحاته، وأعظم فتح يفتح الله عليك أن يجعلك عبداً له، والله لقد رأينا وأبصرنا شباباً ضيعوا الله فضيعهم الله في الحياة، وسوف يضيعون إن لم يتوبوا في الآخرة.
لما ضيعوا الله في الاستقامة ضاعوا في الدراسة، وضاعوا في المناهج، وضاعوا في المستقبل، وضاعوا في الأسر والسمعة، وأخذوا مرغمين إلى السجون، وحبسوا، وضربوا بالأسواط، وقيدوا بالحديد، وأصبحوا في ذلة وفي حقارة وصغار، لأنهم ما حفظوا الله:
فاشدد يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان
يا متعب الجسم كم تسعى لراحته أتعبت جسمك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
إن الذي لا يحفظ الله يضيعه الله، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يوقف الصحابي الواحد من أصحابه ويقول له: احفظ الله يحفظك -إي والله- كان فرعون طاغية، ضيع الله فضيعه الله في اليم، وكان أبو لهب طاغية، ضيع الله فأورده في نار ذات لهب، وكان أبو جهل طاغية، فلما لم يذل للا إله إلا الله ضاع، وأنتم تستقرئون من قرابتكم ومن مجتمعاتكم؛ أن من ضيع الله ضيعه الله عز وجل.
فأكبر قضية نريدها هي حفظ الله عز وجل، إن رقابة الأستاذ، أو الإدارة، أو السلطة، لا يمكن أن تنفذ إلى قلبك إذا لم تراقب الله عز وجل، فلا يستطيعون أن يراقبوك، ولذلك يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَذَرُوا ظَاهِرَ الْأِثْمِ وَبَاطِنَهُ} [الأنعام:١٢٠].
ظاهر الإثم نتركه -يمكن- خوفاً من السلطة، لكن باطن الإثم لا يترك إلا خوفاً من الله، هذا أمر.
الأمر الثاني يا أيها الأحباب: أن نحمل العبودية كطلبة علم، إذ ليس بصحيح أن ترى طالب علم يقرأ قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، وتربى على يد أساتذة أبرار أخيار، ولا تظهر عليه معالم السنة ومعالم الاستقامة، كأنه خرج من نادي من باريس أو من لندن أو من واشنطن.
هذه بلاد القبلتين، هذه مهبط الوحي، يقول أبو الأعلى المودودي في رسالة له: إن تراب هذه الجزيرة مؤمن بالله، وإن هواءها يشهد أن لا إله إلا الله، ,وإن ماءها لو نطق لقال: لا إله إلا الله، هذه البلاد لا ينشأ فيها إلا عبد صالح يوم يريده الله عز وجل أن يكون صالحاً، ففرق بين أن نتعلم علم الذين: {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ} [الروم:٧].
كعلم التيوس، أو علم الثيران، أو أدمغة الحمير التي لا تفهم، معلومات لكن ما تستفيد.
قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [الروم:٥٦].
هل سكتت الآية؟!: {وَالإيمان} [الروم:٥٦].
إننا لا نطالب بالعلم الدنيوي فقط بلا إيمان، فقد غلبنا فيه اليهود والنصارى والكفرة، لكن نطالب بعلم الدنيا مع الإيمان.