للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[معجزة اليد]

قال تعالى:: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ} [طه:٢٢].

وكانت يد موسى عليه السلام سمراء؛ لأنه كان أسمر، كما صحت في ذلك الأحاديث، ففي صحيح البخاري وصحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: {كأنه من أزدشنوءة} وهم قبائلكم يا أهل الجنوب، فبيننا وبين موسى عليه السلام شبه في الخلقة، فنسأل الله أن يكون بيننا وبينه شبه بالعمل، ونسأل الله أن يحشرنا في موكبه، وموكب محمد صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى} [طه:٢٢].

فأدخلها تحت العضد في الإبط، فأخرجها، فكأنها فلقة قمر سبحان الله! تلمع لمعاناً كأنها قطعة البدر، أو كقطع القمر ليلة أربع عشرة، أو كأنها الشمس، قال: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ} [طه:٢٢].

من غير سوء، لماذا؟ قال: لئلا يظن موسى عليه السلام أنه برص، أو بهق، أو مرض، فقال: {مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى} [طه:٢٢] هذه مع العصا {لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} [طه:٢٣] وقد آتى الله موسى تسع آيات، كل آية لو أنزلت على الناس وكان لهم قلوب لكانت كفيلة بأن يهتدوا بإذن الله، وكل آية لو خوطب بها الشيوعيون الملاحدة والماركسيون وأتباع لينين، وكان لهم قلوب وعقول لاهتدوا، وهي الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، والعصا، واليد، وضرب الصخر، وضرب البحر.

قال تعالى: {لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى} [طه:٢٣] ما هي فائدة هذه التربية وهذه المعجزة؟ اسمع إلى الخطاب: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [طه:٢٤].

سبحان الله! هذا الرجل يفر من أكثر من عشر سنوات من ذاك الطاغية، واليوم يطلب منه أن يدخل عليه في القصر، فر من الموت، وفي الموت وقع، قتل نفساً من أسرة آل فرعون، أو من الأقباط، ثم فر منهم خائفاً، وفي الأخير يقول الله له: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى} [طه:٢٤].

سبحان الله! إنه خبر عجيب، وإنه سر غريب أن يدخل على فرعون، وليس الدخول على فرعون بهذه السهولة، فإن لدى فرعون جنوداً وحرساً وقوة!

<<  <  ج:
ص:  >  >>