الشرط الأول ألا يكون فيه كذب: وأكذب الناس من مدح الناس بالكذب من أجل الدنيا، وأكثر ما يضطر الإنسان للمدح من أجل الدنيا، أما الدين فلا يحتاج الناس أن يمدحوا.
هل تمدح رجلاً وتكذب عليه ليصلي الليل أو ليقرأ القران؟! إنما يكذب في المدح من أجل الدنيا، فالكذب إذا وجد في المدح فهو محرم.
الشرط الثاني: عدم الغلو فيه أن ترفع الممدوح أكبر من منزلته، قال تعالى:{قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً}[الطلاق:٣] فتطري الرجل بما فيه من الخير؛ ولكن احذر أن تسكب عليه إطراءات لا تليق به، تأتي وتقول: يا فاتح الدنيا، يا عين الزمان، يا قبة الفلك، يا من جعله الله من العشرة المبشرين بالجنة، يا من بايع رسوله تحت الشجرة، فيغرق وينسى نفسه، والمدح هذا سُكار مثل الخمر، إذا أصاب العقل أسكره.
الشرط الثالث: ألا يكون في الوجه: فإن المدح في الوجه هو الذم، لكن استثنى أهل العلم من ذلك أمور: منها أنه إذا عرف من زهد الرجل وإيمانه ويقينه أنه لا يتضرر، وأنه أصبح فيه رسوخ وثقل فلا بأس أن تذكر فيه فضائل، لأننا إذا غمطنا فضائل الناس، وجحدنا فضائل المرموقين والعلماء والأخيار والدعاة والشهداء والمجاهدين، فمعناه: أننا ساوينا بين الناس جميعاً! لا والله.
كان الرسول عليه الصلاة والسلام ينزل الناس منازلهم، ونحن أمة نقول للمحسن: أحسنت، وللمسيء أسأت:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[القلم:٣٥ - ٣٦] خطأ لا يجعل هذا كهذا، لكن ننزلهم منزلتهم.