للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ثناء وابتهال]

الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، الذي له ملك السماوات والأرض، ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديراً.

اللهم لك الحمد خيراً مما نقول، وفوق ما نقول ومثلما نقول، لك الحمد بالإيمان، ولك الحمد بالإسلام، ولك الحمد بالقرآن، عز جاهك، وجل ثناؤك، وتقدست أسماؤك.

لا إله إلا أنت، في السماء ملكك، وفي الأرض سلطانك، وفي البحر عظمتك، وفي النار سطوتك، وفي الجنة رحمتك، وفي كل شيء حكمتك وآيتك، أنت رب الطيبين، وأنت سند المضطهدين، وأنت عضد المهضومين، وأنت ملجأ العابدين، لا إله إلا أنت، لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضا.

اللهم صل وسلم على من أرسلته هدايةً ورحمةً للعالمين، بلغت به الرسالة، وأديت به الأمانة، ونصحت به الأمة، وهديت به الإنسانية، وأنرت به أفكار البشرية، وزعزعت به كيان الوثنية، صلى الله وسلم على صاحب الحوض المورود، صلى الله وسلم على صاحب الصراط الممدود، صلى الله وسلم على من كسر الله به ظهور الأكاسرة، وقصر به آمال القياصرة، الذين طغوا وبغوا حتى أرداهم ظلمهم في الحافرة، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

لا إله إلا الله، كل شيء هالك إلا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون.

لا إله إلا الله كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.

لا إله إلا الله خالق الليل والنهار.

لا إله إلا الله تسبح له الحيتان في البحار.

لا إله إلا الله تقدسه الأسماك في الأنهار.

لا إله إلا الله تفوح باسمه الأزهار.

لا إله إلا الله يحمل دعوته النبي المختار.

أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى الذي أنزل هذا الغيث، أن ينزل على قلوبنا غيثاً كهذا الغيث، فإنه إذا رحم رحم، وإذا عفا عفا، وإذا منّ منّ، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:١٦] ثم قال: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [الحديد:١٧].

فيا من أحييت الأرض بعد موتها، بعد أن ذبلت الأزهار، وتقطعت الأشجار، وفلت الحدائق، وماتت البساتين، أنزلت غيثاً مريعاً من السماء فأحييتها فإذا هي مزهرة، نسألك يا أحد، يا فرد يا صمد، يا من له الملك في الدنيا والآخرة، يا قيوم! من يرحمنا إذا لم ترحمنا!

ومن يغفر لنا إذا لم تغفر لنا!

ومن يسترنا إذا لم تسترنا!

اجتمعنا والله في مرضاتك، وجلسنا والله في بيتك، إن الملك من ملوك الدنيا لو طرقه الناس للبى دعواتهم، وأنت ملك الملوك.

إن الملوك إذا شابت عبيدهم في رقهم عتقوهم عتق أبرار

وأنت يا خالقي أولى بذا كرماً قد شبت في الرق فاعتقني من النار

اللهم كما جمعت بيننا في هذا المجلس فاجمع بيننا في جنة عرضها السماوات والأرض، مع النبي محمد، مع نوح وإبراهيم وموسى، مع أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام:٩٠].

عباد الله! إن الرسول عليه الصلاة والسلام يوم أراد الله أن يحيي به القلوب، أرسله فأيقظ الأرواح، كان العرب قبل الإسلام أمواتاً، كانوا يعبدون الحجر والشجر والأوثان، يزنون، يغشون، يكذبون، يقطعون الأرحام، يتلاعنون، فلما أراد الله أن يحيي قلوبهم بعث محمداً عليه الصلاة والسلام: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [الجمعة:٢]

إن البرية يوم مبعث أحمد نظر الإله لها فبدل حالها

بل كرم الإنسان حين اختار من خير البرية نجمها وهلالها

<<  <  ج:
ص:  >  >>