للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مخالفة المرأة أوامر الدين]

السؤال

قرأت هذا الشهر منشوراً للمرأة في بعض المنشورات يقول الشاعر:

سيري كسير السحب لا تأني ولا تتعجلي

لا تكنسي أرض الشوارع بالإزار المسبلِ

أما السفور فحكمه في الشرع ليس بمعضل

ذهب الأئمة فيه بين محرم ومحلل

ويجوَّز الإجماع منهم عند قصد التأهل

ليس النقاب هو الحجاب فقصري أو طولي

فإذا جهلتي الفرق بينهما فدونك فاسألي

من بعد أقوال الأئمة لا مجال لمقول

لا تبتغي غير الفضيلة للنساء فأجملي

الكاتبة: باحثة البادية

الجواب

أقول: هذه الكاتبة جاهلة من البادية، رعديدة أتت من البادية.

أولاً: الذي كتب هذا الشعر رجل أو امرأة جاهلٌ بدين الله الواحد الأحد، مفتري على الله، قال تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [النحل:١١٦].

قائل هذا الشعر لا يعرف من دين الله إلا كما يعرف الحمار من ملة أهله أو من ميزانية أهله، هذا أحد رجلين إما جاهل متخرس في الشريعة، أو زنديقٌ مجرم، وحسيبنا الله عليه.

أما قوله: (سيري كسير السحب لا تأني ولا تتعجلي) فلا أدري ماذا يقصد بذلك، ولا مشاحاة في سير المرأة إذا تأدبت واستترت وتعطلت وتجلببت بالحجاب، وخافت من الواحد الوهاب، وتذكرت يوم الحساب، وأما قوله: (لا تكنسي أرض الشوارع) فإنه ينبي عن بذاءة فيه، وعن غلٍ للإسلام، ومخالف للسنة، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم: {أنه أمر أم سلمة أن تطيل في ذيلها شبراً، قالت: لا يكفيني، فزادها صلى الله عليه وسلم شبرين حتى تجره جراً} وهو فعل نساء المؤمنين والصحابيات والتابعيات وعليه فتوى أهل العلم، وهو قول المحدثين، ولا أعلم قولاً خالف هذا إلا قول متهوك أتى بعلمٍ من باريس أو من واشنطن، أو نيويورك فعليه من الله ما يستحقه {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة:٥٠] حتى تقول أم سلمة: {يا رسول الله! يمر على البلل وعلى الشيء من الماء، قال: يطهره ما بعده} فمن جرها رضوان الله عليها للإزار وصفه بذلك:

حوراً حرائر ما هممن بريبةٍ كظباء مكة صيدهن حرام

يحسبن من لين الكلام روانياً ويسدهن من الخنا الإسلام

هناك يقول:

يخفين أطراف البنان من التقى ويقتلن بالألحاظ مقتدرات

فقوله: (لا تكنسي أرض الشوارع) دعوة إلى السفور، وإلى لبس القصير، وإلى تحويل المجتمع إلى مجتمع بهيمي حيواني شهواني، تلبس فيه المرأة القصير، فانظر كيف انعكست الآية شبابٌ يكنسون الشوارع بثيابهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يأمرهم بالتقصير وما قاله للشباب هذا المتقول على الله لم يقله للشباب بل قاله للفتيات، والرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بإطالة المرأة لثوبها حتى يستر جسمها وينزل الأرض، ويقول هذا: قصري! يا معكوس الإرادة والعقل إنه ما وعى قلبك الوحي، وما استنار قلبك بالقرآن والسنة، ولو عرفت الطريق ما انقلبت في ذهنك المفاهيم.

ولكن كيف يسعى في جنون من عقل؟ ولكن نقول لك:

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمدٍ وينكر الفم طعم الماء من سقم

السقم فيك، والرمد في عينيك، والشريعة محجة بيضاء ليلها كنهارها.

(لا تكنسي أرض الشوارع) أنت وأمثالك لما أطلتم الثياب قصر النساء الثياب، ولما أطال أمثالك الثياب وكنسوا بها الشوارع ضيعنا فلسطين، وأفغانستان، وضيعنا مجدنا.

جولد مائير في مذكراتها تخبر بفشل العرب، طائراتها كانت تغطي شعاع الشمس، وكان شباب العرب مع كوكب الشرق يوم تغني ذاك السحر الحلال، المحرم عند القلوب المحرمة، تحجب شعاع الشمس، والشباب يكنسون الشوارع بثيابهم:

فأطفأت شهب الميراج أنجمنا وشمسنا وتحدت نارنا الخطب

وقاتلت دوننا الأبواق صامتة أما الرجال فماتوا ثم أو هربوا

ولكن لما قصر السلف ثيابهم واعتبروا بالسنة، فتحوا الدنيا، أصبحنا في حدائق الأندلس، وأمسينا ونحن على اللوار وطشقند والسند، وذهب عقبة بن نافع يقول للمحيط الأطلنطي: [[والله لو أعلم أن وراءك أرضاً، لخضت هذا الماء بفرسي لأرفع راية لا إله إلا الله]] كنا أمجاداً لما اتبعنا السنة، فلما عكسنا الآية، وقلنا للمرأة: قصري وللشاب أطل ثوبك!! انعكست مفاهيمنا، وذهبنا شذر مذر.

اللهم أعد شبابنا وفتياتنا إليك، اللهم لا تسمع سامعاً هذا الكلام، اللهم لا تجعل مثل هذا وأمثاله يتولون على عقول الناس فيفسدون إراداتهم.

وأما قوله في الإزار المسبل، فالإزار المسبل للرجل وليس للمرأة، ولعلك ما قرأت حرفاً من الشريعة، ولو كان الأمر بيدك وأمثالك لخطب الدجال على المنابر، لكن هنا في البلاد ولاة أمر قاوموا على (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وهنا دعاة وعلماء وشباب صحوا وأقبلوا إلى الله.

أحد الناس له مقطوعة نبطية في شباب الصحوة، وأنا لا أؤيد الشعر النبطي ولا أحبذه، وهو يفسد القرآن، لكن من قاتل بسكين النبطي أو العربي خدمة للإسلام، قلنا حياه الله:

انظر الفجر زاه بالوفاء قد تجلى مثل وجه المصلي في عبق فرض الصلاة

مثل طلعة شباب بالتقى قد تحلى كن منطوقهم بالحسن سكر نبات

من فتح غيرنا الدنيا وزكى وصلى يوم هتلر ونابليون في الفاحشات

نصرنا يا عرب من ربنا قد تجلى قرب الجيش والبارود والطايرات

أما أنت يا أخي! يا هذا الكاتب! فيكفي لك الموسيقى والعود والكمنجة واترك شباب الإسلام، وولاة أمر الإسلام، وعلماء الإسلام يلهجون بذكر الجنة، ولا أزيد فيكيفه هذا، وسوف أعارضها بقصيدة إسلامية لعلي أكتسب الأجر في دمغه {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ} [الحج:٣٦].

<<  <  ج:
ص:  >  >>