[لمحة من أخلاق النبي الكريم]
كان صلى الله عليه وسلم ينزل الأسواق, لكن ما كان يرفع صوته, ومرة من المرات نزل فأتى إلى زاهر وهو بدوي, كان زاهر هذا يأتي بالعسل والسمن للرسول صلى الله عليه وسلم يشتريه منه, فوجد زاهراً يبيع، فأتى الرسول صلى الله عليه وسلم من وراء زاهر، فاحتضنه من وراءه وأمسكه بقوة -وكانت قوته صلى الله عليه وسلم تعادل قوة ثلاثين رجل صلى الله عليه وسلم, ولذلك يقول أحد الأنصار: رأينا صخرة في الخندق اجتمع عليها نفر منا ما استطعنا لها, فأتى صلى الله عليه وسلم فرفع عن ساعديه فحملها، فوالله ما أنسى ذراع يديه وهو يحمل الصخرة حتى رماها بعيداً- فلما أمسكه قال: من يشتري العبد؟ يقولها صلى الله عليه وسلم وسط السوق, فأخذ زاهر يقول: اتركني اتركني لا يدري من هو هذا العربي الذي أمسكه, قال الرسول صلى الله عليه وسلم: {من يشتري العبد؟ من يشتري العبد؟} فالتفت فرأى الرسول صلى الله عليه وسلم، فأخذ يتمحك بظهره بصدر الرسول صلى الله عليه وسلم للبركة, ثم قال: إذاً يا رسول الله تجدني كاسداً، قال: {لكنك عند الله لست بكاسد.
وقريش يقولون: {وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان:٧] يقولون: لماذا يتكسب يبيع ويشتري؟
لو كان رسول صدق لجلس في البيت, فالله أخبرهم أنه يأكل الطعام، ويمشي في الأسواق، وأنه بشر يعرف آلامهم وآمالهم, ويعيش حوائجهم عليه الصلاة والسلام, ويجوع كما يجوعون, ويشبع كما يشبعون.
قال: ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويغفر, كل من أساء في حقه صلى الله عليه وسلم عفا عنه وغفر, لما دخل مكة وفتح عليه الصلاة والسلام مكة , أخذ بحلق باب الكعبة قال: {الحمد لله وحده، نصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده} ثم قال لقريش الذين آذوه وقتلوا أصحابه وقاتلوه: {ما ترون أني فاعل بكم؟} يقول: ماذا تتصورون وماذا تتوقعون أني سوف أفعل؟
أنا الآن منتصر, السيف في يدي, أنتم لا تملكون شيئاً مجردين من السلاح, وكان حراسته على الحرم اثني عشر ألف مقاتل من الصحابة- فأخذوا يتباكون، يقول أحد الصحابة: سمعت بكاء الأطفال والنساء والرجال, أي: يقولون: أنقذنا, فقام أبو سفيان فقال: أخ كريم وابن أخ كريم, يقولون: افعل ما بدا لك, نحن أسأنا وأخطأنا, قال صلى الله عليه وسلم: {عفا الله عنكم, وغفر الله لكم، اذهبوا فأنتم الطلقاء} فأخذ أبو سفيان يبكي عند الباب، ويقول: [[لا إله إلا الله ما أرحمك! ولا إله إلا الله ما أحلمك! ولا إله إلا الله ما أبرك! ولا إله إلا الله ما أوصلك!]] عليه الصلاة والسلام.
والله يقول له: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [المؤمنون:٩٦] وقال سبحانه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:٤] وقال سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران:١٥٩].
{جاء بدوي أعرابي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم برد نجراني غليظ الحاشية -جبة- فمشى صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، فأدركه الأعرابي فسحبه سحبة شديدة حتى أثر البرد في عنقه, فالتفت صلى الله عليه وسلم إليه يتبسم صلى الله عليه وسلم, قال الأعرابي: أعطني من مال الله الذي عندك لا من مال أبيك ولا مال أمك -أعوذ بالله من الخطأ- قال صلى الله عليه وسلم: أعطوه, فأعطوه, ثم أسلم هذا الأعرابي, فقال صلى الله عليه وسلم: لو تركته وما فعل لارتد وارتد قومه معه} أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
واعلم حفظك الله أنه صلى الله عليه وسلم، تميز بآيات عديدة منها: معجزات ظاهرة سوف تأتي معنا:
ومنها: معجزات خُلقية وخَلقية.
ومنها: أن العالم شهد بنبوته منهم من آمن ومنهم من كفر.
ومنها: أن الله أتم له نوره وجعل العاقبة له, وجعل الدائرة على أعدائه.