[العلم والشهادة العلمية]
التكاثر بالعلم أن تجد البراويز محملة بالشهادات في البيت؛ لكن تنظر إلى الوجه فلا تجد عليه أثر علم، ما عليه نور ولا سفرة ولا وضوح، تنظر إلى الصلاة فإذا هي مهزوزة، المجلة الخليعة في البيت، مكان المصحف الأغنية الماجنة تدوي في البيت، والموسيقى مكان القرآن، التبرج والسفور، النظرة المسئولة وغير المسئولة التي تطلق على محارم الناس، تهتك أعراض الناس، الملبس من ربا السيارة من ربا الفلة من ربا أكل الأطفال من ربا التخلف عن الجماعات؛ وهذه الشهادة المعلقة لا تشفع له يوم القيامة.
نحن لم نفتح الدنيا بالشهادات لقد كان ابن مسعود من علماء الدنيا، كان رحباً كأنه الميدان الواسع إذا عبئ نسيماً، أو كأنه الوادي المتسع إذا ملئ ماءً، ما كان عنده شهادة، لكنه ظل في الدنيا كالنجم من قمر محمد صلى الله عليه وسلم.
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري
ابن عباس أخذ علمه من مناجاته لله في الليل، كان يسجد ويبكي ويقول: [[يا معلم إبراهيم علمني، ويا مفهم سليمان فهمني]] فأصبح حبر الأمة، وترجمان القرآن ولم يحمل شهادة، قال الخطيب البغدادي في كتاب اقتضاء العلم العمل: العلم كالكنز لا ينفعك إلا ما أنفقت منه، فإذا لم ينفعك العلم، فما هي الفائدة إذاً.
يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عن بني إسرائيل جهلة العملاء الظلام: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِه} [المائدة:١٣].
والرسول عليه الصلاة والسلام نعى على الذين لا يفهمون ولا يفقهون ولا يعملون بعلمهم نسأل الله العافية والسلامة، صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال كما في سنن أبي داود: {من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من أعراض الدنيا، لم يجد عرف الجنة، وإن عرفها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً} أو كما قال عليه الصلاة والسلام {من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة}.
وفي لفظ: {ريح الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً}.
إنسان أتى يتعلم قال الله وقال رسوله للوظيفة، للشهرة، للسمعة، ثم لم يظهر عليه أثر العلم؛ حرام عليه أن يجد عرف الجنة، وهذا الحديث يبكي والله، نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم، وأن يمن علينا برحمته وفضله وعطفه وكرمه.
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من تعلم العلم ليجاري به العلماء، وليماري به السفهاء، فليتبوأ مقعده من النار} من تعلم العلم ليجاري به العلماء، أي ليدخل في حلبة العلماء وفي صراع مع العلماء، ومشاجرةٍ، ومناظرةٍ ساخنة، ومباحثة ليكون محسوباً على العلماء.
أو ليماري به السفهاء أي: يستهتر به في المجالس، ويماري به كل سفيه؛ فليتبوأ مقعده من النار.
وصح عن ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه أنه كان يسهر الليلة الكاملة من صلاة العشاء إلى صلاة الفجر وهو يبكي ويردد قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً} [النساء:١٢٣]