للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الدرس الأول: أن القوة لله جميعاً

لا عبرة بالكثرة فالنصر من عند الله عز وجل، أكبر جيش جمعه الرسول صلى الله عليه وسلم جيش حنين كانوا اثني عشر ألفاً، فلما رآهم أبو بكر الكتيبة تتدفق بعد الكتيبة، قال: [[لا نهزم اليوم من قلة]] والمسلمون بشر أتاهم ضعف واتكلوا على قوتهم المادية, فأراد الله أن يلقنهم درس عقيدة لا ينسونه, وهو أن القوة من عند الله, وأن النصر من عند الواحد الأحد, فيقول الله عز وجل: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} [التوبة:٢٥] يقول: اذكروا كم نصركم الله في مواطن كثيرة:

إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا من كان يألفهم في الموطن الخشن

{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} [التوبة:٢٥] قال أهل التفسير: قال أبو بكر: [[لن نغلب اليوم من قلة]] فأخبره الله عز وجل بالانهزام في أول المعركة, وأن النصر من عند الله فانهزموا، فدرس للإنسان ألا يغتر بقوته وألا يعتمد على حوله وذكائه وفطنته.

قال ابن القيم في كلام معناه: فوض الأمر إلى الله عز وجل, وأعلن عجزك, فإن أقرب العباد من الله الذين يعلنون الانكسار بين يديه.

فأقرب العباد إلى الله أشدهم انكساراً إليه، وأقربهم إلى النصر أشدهم تواضعاً لله, وكلما ذل العبد وتواضع لله رفعه الله, وكلما تكبر، قال الله: اخسأ فلن تعدو قدرك, وعزتي وجلالي لا أرفعك أبداً.

فكان هذا الدرس في العقيدة: أن القوة من عنده تبارك وتعالى, وأنه هو الذي يهدي وينصر, ويسدد فلا قوة تأتي من غيره مهما أجلبوا بخيل ورجل وقوى واتصلوا بأمور فإنها كبيت العنكبوت: {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [العنكبوت:٤١].

<<  <  ج:
ص:  >  >>