للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أقسام الصبر]

الصبر على ثلاثة أقسام:

صبر على أقدار الله المؤلمة.

وصبر على أداء الطاعات.

وصبر على اجتناب المعاصي.

وأعظمها الصبر على أداء الطاعات وهو: أن تصبر على أداء الصلوات في أوقاتها، وعلى الوضوء، وقيام الليل، والصدقة، والصيام في الحر، والحج، وعلى تكاليف العبادة إن كان فيها تكاليف، فهذا صبر على الطاعات.

والصبر على الأقدار المؤلمة، أن تصبر على موت الطفلة، وموت الوالدة، والحبيب، أو على فقد بصرك، أو سمعك، أو البلاء في جسمك، أو أخذ مالك، أو ضرب جسمك، أو حبسك، فكل هذا من الصبر.

والصبر عن المعاصي أن تصبر على اجتناب الفواحش والمنهيات.

فهذه أقسام الصبر الثلاثة، وأسعدها وأحسنها الصبر الأول، وقد ابتلى الله عز وجل الخليقة بهذه الأصناف، فبعضهم يصبر على الطاعات ولا يصبر عن المعاصي، بعض الناس يقوم الليل من صلاة العشاء إلى صلاة الفجر، ولكن إذا عرضت له فتاة، لا يصبر؛ بل ينظر، وبعضهم يسمع الغناء، وهذا أخطأ في هذا الجانب، وأصاب في الآخر، وبعضهم يصبر عن المعاصي، ولا يصبر على الطاعة، فتجده لا يسمع محرماً، ولا يعصي الله عز وجل؛ لكنه من أسوأ ما يكون إذا قام للصلاة، وبعضهم يصبر على هذا ولا يصبر على الأقدار المؤلمة، فإذا أتاه جراح، أو ماتت بنته أقام الدنيا وأقعدها، وبقي يبكي سنة، ويتسخط على القضاء والقدر.

ويذكر أن أحد العوام من الناس الجهلاء بالشرع كانت له طفلة، وقد وكان عقيماً، ثم رزقه الله هذه الفتاة، وجاره عنده تسع بنات، فمرضت هذه البنت، وأشرفت على الوفاة، فأخذ يجلس عند الرصيف، ويقول: يا رب! هذه بنت، وفلان عنده تسع وتأخذها، سبحان الله! قالوا: فتوفيت ابنته فخرج -نسأل الله العافية- غاضباً ينظر إلى السماء، ويقول: أما على الضعفاء مثلي وأمثالي فتستطيع، وأما صاحب التسع فما تستطيع!!

ومثل ذلك القصائد التي مرت في الاعتراض على القضاء والقدر فلله الحمد، فله القضاء المطلق، ولا بد من الصبر، وأسعد الناس من إذا أذنب استغفر، وإذا أنعم عليه شكر، وإذا ابتلي صبر، هذه منازل الربانيين الموحدين المحمديين صبر في البلاء، وشكر في الرخاء، واستغفار عند الذنب، وهذه في القرآن جميعاً، فأنت إذا فتحت الأبواب الثلاثة، وأعطيت كل باب منزلته، أسعدك الله في الدنيا والآخرة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>