[ضرورة حفظ الأوقات]
السؤال
ما هي نصيحتكم للشباب لقضاء وقت نافع في حياته؟
الجواب
أوصي نفسي والشباب بحفظ الوقت، ومن أعظم المصائب التي أصيب بها شباب الإسلام إلا من رحم الله رخص الوقت عندهم، حتى أصبح الوقت عند الكافر أغلى منه عند بعض المؤمنين، ومن يقرأ كتاب دع القلق وابدأ الحياة لهذا الأمريكي، يلاحظ كيف يحرصون على أوقاتهم، وهم لا يرجون من الله ثواباً ولا أجراً ولا جنة ولا يخافون ناراً.
أكافر يحفظ الوقت، ومؤمن يضيع الوقت؟! {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون:١١٥ - ١١٦]
نروح ونغدو لحاجاتنا وحاجات من عاش لا تنقضي
تموت مع المرء حاجاته وتبقى له حاجة ما بقي
أشاب الصغير وأفنى الكبير كرُّ الغداة ومر العشي
إذا ليلة أهرمت يومها أتى بعد ذلك يوم فتي
فأعظم ما أصبنا به أننا أرخصنا الوقت، الساعة الواحدة تمر بنا ونحن على إبريق الشاي نتحدث في كلام لا ينفع، من الأسعار والأمطار والأخبار والأنهار والأشجار، فأين حفظ الوقت؟! في ساعة واحدة يؤلف ابن تيمية كتاب التدمرية، وقرر علينا سنة في الكلية فقرأناه وما فهمناه، لأن التدمرية تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم، في ساعة واحدة يؤلف كتاباً يقرر في الكلية في سنة ولا يفهمه الطلاب.
ابن تيمية يثني رجله في دقائق فيؤلف قصيدة قوامها مائتي بيت، ثم يرسلها للناس، ويبقى العلماء يشرحونها في مجلدات، وكذلك ابن عقيل الحنبلي، ذكروا عنه -كما ذكر عنه ابن الجوزي في سيرته- أنه ألف كتابه الفنون سبعمائة مجلد، قال: كتاب الفنون ما جعله إلا لفضول الأوقات، يعني فضول الوقت، جعل رزمة من الأوراق عند رأسه فإذا أراد أن ينام كتب قبل أن ينام عشر صفحات، وإذا استيقظ وقال: أصبحنا وأصبح الملك لله كتب عشر صفحات، وإذا مرت به خاطرة سجلها، وإذا أتته فائدة قيدها، كل هذا خارج أوقات الدروس والمحاضرات واللقاءات، فترك للأمة سبعمائة مجلد، حتى يقول: أنا آكل الكعك ولا آكل الخبز؟ قالوا: لماذا؟ قال: وجدت أن بين الوقتين مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية.
ونحن الآن الأيام الطوال والفسح الطويلة والعريضة تذهب سدى ولا تستثمر.
إن مصيبة الوقت عندنا مصيبة لا يعلمها إلا الله، فإني أدعو نفسي وإياكم إلى استثمار الوقت، وأحسن ما يستثمر بعد الفرائض في المطالعة الجادة، وفي الجلوس في حلق العلماء، وطلب العلم وحضور المحاضرات، والكلمات النافعة، ومجالس الخير، وزيارات الأحباب، وتكون الزيارات مرتبة مخطط لها، لاأن تزوره فما يكون في ذهنك أسئلة، فتبدأ تسأله عن نسبه وعن ميلاده وعن سيارته وأخباره ودياره، فهذه ليست بزيارة نافعة، لكن يكون بينك وبينه اتفاق على دروس وعلى شرح آية أو حديث لتكون متهيئاً.
إنها أمور تربوية تركها صلى الله عليه وسلم للناس، يوم كانت أنفاسه حفظاً للوقت، وكلماته حفظاً للوقت، وتحركاته حفظاً للوقت، فكان كله حفظاً للحياة عليه الصلاة والسلام.