للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مفاسد الخمر]

ومن مفاسد الخمر: أفقر الله مقتنيها إن لم يتب، وأعدم صحته، وأذهب عقله ذلك العقل العزيز الكريم.

قال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق:٣٧].

وقال تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) [آل عمران:١٩٠] أي: لأولي العقول.

يقول المتنبي:

لولا العقول لكان أدنى ضيغم أدنى إلى شرف من الإنسان

قال ابن الوردي:

اهجر الخمرة إن كنت فتى كيف يسعى في جنونٍ مَن عَقَل؟!

وهي قصيدة وعظية ينادي بها الشباب- وقد خمسها أحد العلماء، وهي تعرف باسم: (اعتزل ذكر الأغاني والغزل) فهل صحا شبابنا؟! وهل عاد شبابنا؟! وهل وعى شبابنا أن مسألة العود والكمنجة قد انتهى وقتها؟! وقد أظلم عليها، وقد قامت عليها اللعنة، أما تكفي الأمة خيبة وخسارة وفشلاً أننا بقينا على العود والوتر والناي وطائرات إسرائيل يحجز شعاع الشمس.

قالوا هم البشر الأرقى وما أكلوا شيئاً كما أكلوا الإنسان أو شربوا

إذا تبدت لنا الميراج تقصفنا سعت لتسقطها الصيحات والخطب

ظنوا القنابل أبواقاً مزخرفةً والقاذفات هي الأترنج والعنب

أمة مخدرة، أم كلثوم -كوكب الغرب أو الشرق أو الظلام- تغني الشباب، وكأس الخمر يقدم للأمة والحبوب المخدرة والدخان والقات والكمنجة، ثم التصفيق، ونقصف من مليون صهيوني أحفاد القردة والخنازير.

أين أبناء خالد؟ أين أبناء علي؟ أين أبناء طارق وصلاح الدين؟ ولذلك وصلنا إلى هذا المستوى الذي لا نحسد عليه، فيقول ابن الوردي للشباب:

اعتزل ذكر الأغاني والغزلْ وقل الفصل وجانب من هزلْ

عارضه الطوسي وخمَّس قصيدته، فقال:

أيها اللاهي بلا أدنى وجلْ

اتق الله الذي عز وجل

واستمع قولاً به ضرب المثل

اعتزل ذكر الأغاني والغزل

وقل الفصل وجانب من هزل

قال ابن الوردي:

إن أهنا عيشة قضيتها ذهبت لذاتها والإثم حل

فقال الطوسي:

كم أطعت النفس إذ أغويتها

وعلى فعل الخنا ربيتها

كم ليال لاهياً أنهيتها

إن أهنا عيشة قضيتها

ذهبت لذاتها والإثم حل

ثم يقول:

اهجر الخمرة إن كنت فتىً كيف يسعى في جنونٍ منْ عقل؟!

ويسافر بعض الناس في العطل الصيفية للفساد، وللزنى، ولشرب الخمر، وللدعارات وغضب المولى، فلماذا؟ إنه بسبب عدم الإيمان، ووجود ظلام دامس في القلب نخره النفاق، فدخلت فيه الزندقة، حتى ابتعد عن الله؛ والقلب إذا ابتعد عن الله، تقطعت به الحبال.

استمع لما قاله صلى الله عليه وسلم في أحاديث عن الخمر وبنات عمها من المخدرات، والمخدرات رضعت مع الخمر، ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، وكذلك قريبتها القات، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {كل مفتر حرام} فإذا قال أهل القات: إنه لا يسكر.

قلنا: يفتر وهم متفقون معنا في أنه يفتر، فهو حرام، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {كل مفتر حرام} وفيها ذهاب للمال وللأوقات، وذهاب للعقول، وذهاب للمصالح العامة والخاصة.

قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتفق عليه وعند أحمد والنسائي وابن ماجة عن ابن عمر: {من شرب الخمر في الدنيا، لم يشربها في الآخرة إن لم يتب} فمن شرب الخمر -ويلحقها المخدرات- لم يشربها في الآخرة، إن لم يتب، كيف؟ أفي الجنة خمر؟ نعم.

فيها نهر من خمر لذة للشاربين- أسقانا الله من ذاك الخمر الذي لا غول فيه ولا هيام ولا مرض ولا علة- وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {لعن الله الخمر وشاربها وساقيها، وعاصرها ومعتصرها، وبائعها ومبتاعها، وحاملها والمحمولة إليه، وآكل ثمنها} رواه أبو داود والحاكم بسند صحيح.

ملعون من يفعل ذلك، من يروج المخدرات، ومن يريد أن تشيع في الساحة، ومن يسعى في انتشارها بين شباب المسلمين فإنه ملعون، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {ما أسكر كثيره؛ فقليله حرام}.

وصح عنه أنه قال: {كل مفتر حرام}.

وصح عنه أنه قال: {كل مسكر حرام، وما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام}.

وعند الطبراني بسند فيه نظر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {من شرب خمراً خرج نور الإيمان من قلبه} من شرب خمراً خرج نور الإيمان من قلبه ونور القرآن ونور الإسلام.

وصح عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث أنه قال: {كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام، ومن شرب الخمر في الدنيا، فمات وهو يدمنها ولم يتب منها، فلن يشربها في الآخرة}.

وعنه صلى الله عليه وسلم عند الطبراني بسند حسن: {من شرب مسكراً لم يقبل الله له صلاة أربعين يوماً} صلاة أربعين يوماً لا يقبلها الله لمن شرب مسكراً، أو تناول مخدراً، أو ما في حكم ذلك.

وقال عليه الصلاة والسلام: {من شرب الخمر، أتى عطشاناً في يوم القيامة} رواه أحمد بسند حسن عن قيس بن سعد.

ولكن الآن ما هو الحل لهذه المعاصي؟

وكم من المرات خرجنا نستسقي فلم ينزل إلا بعض الفطرات اليسيرة، والعلة معروفة: الذنوب وخطايا، خرجنا لصلاة الاستسقاء ونسينا أن الربا منتشر، خرجنا لصلاة الاستسقاء والزنا عام، والغناء يُرَوَّجُ له، والفنانون يملئون الساحة، والراقصون والراقصات، والمغنون والمغنيات، والمطبلون والمطبلات، خرجنا لصلاة الاستسقاء والمجلة الخليعة تحمل الصورة الداعرة للمرأة الفاسدة وهي تملأ الحوانيت والبقالات والأسواق، خرجنا والقرآن يُهْجَر إلا في بيوت من رحم ربك، خرجنا والقطيعة والعقوق وكل ما سألت عنه من المعاصي موجود.

تكاثرت الظباء على خراش فما يدري خراش ما يصيد

صلينا وفينا بقية باقية خرجت خائفة وجلة، فأتانا قليل من الغيث، قحطت البلدان، وغضب الرحمن، وجفت المياه من الأنهار، وغاضت الآبار، وماتت الأشجار، وذبلت الأزهار، وغضب رب الأرض والسماء الواحد القهار، فأين التوبة؟، وأين العودة؟، وأين مراجعة النفس؟ هذه كلها بسبب ذنوبنا التي سددنا بها طريق القبول والرزق من الواحد الأحد.

فما الحلول لنا من معاصينا؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>