[شرح قول البخاري: باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم]
قال البخاري في الصحيح: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً}[الفرقان:٧٤] قال البخاري: إماماً نقتدي بغيرنا، ويقتدي غيرنا بنا سبحان الله! ما أحسن كلام البخاري! كلام قليل لكنه كالكبريت الأحمر، وكالإكسير -إكسير الحياة- يأتي بالكلمة ويبوب لها، ولكنه يُعجز أذهان الجهابذة من العلماء أن يأتوا بمثلها ولذلك ابن القيم في كتابه إعلام الموقعين لما جاء إلى كتاب البيع أتى بتبويب للمالكية والشافعية، ثم قال: وبوب عالم جهبذ بباب أذهل به المبوبين، ثم أتى بكلام البخاري فهو يسكت الناس بالتبويب، ويشرح الآيات شرحاً راقياً، رحمه الله رحمة وافية:
سامحن بالقليل من غير عدل ربما أقنع القليل وأرضى
وأبوابه قليلة لكنها درر، والدرر قليلة في العالم، وإنما أشير بذلك إلى العودة إلى الكنوز الأصيلة، والتخفيف من ضياع الوقت، أو التقليل من صرف الجهد في معلومات، أو مصادر للتلقي ليست أصيلة في منهجية المسلم، وفي حياته المرضية التي يريدها الله منه، كـ البخاري ومسلم والترمذي وأبي داود، أهل الأصالة والعمق والريادة، والعلم الباقي الذي خلده الله لهم في الخالدين.
يقول: وقال ابن عون وهو عبد الله بن عون، راوي البخاري ومسلم، وهذا الرجل كان يتمنى رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم دائماً، فسقط من درجة وقبل وفاته بليلة رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام ثم مات.
يقول: ثلاث أحبهن لإخواني، وأوصي بها إخواني: هذا القرآن أن يقرءوه ويتدبروه، وهذه السنة أن يتعلموها، ويدعوا الناس إلى الخير.
سلَّم الله حالك، ولا فض فوك، ما أحسن الوصايا.
وقد أتى بها البخاري موقوفة على ابن عون رضي الله عنه.