[زيارة الجفاة]
السؤال
لي بعض الإخوة في الله، والمشكلة أنني أقوم بزيارتهم دائماً، وقد أتعرض لكثير من الأذى من أجل زيارتهم وأتحمله، وأنسى كل ألم بعد رؤيتهم، ولكنني كلما طلبت منهم أن يزوروني يتعذرون بأسباب غريبة، وأحس أحياناً تهربهم مني مع أني أحاول كل جهدي ألا يجدوا مني ما يؤذيهم من قول أو فعل؛ فأصبحت وحيداً بلا أنيس ينصحني ولا يواسيني، فأرجو أن تبين مدى أهمية الزيارة في الله وفضل استمرارها.
الجواب
أنا أقول لك مبدأً: على المسلم ألا يذل نفسه، لا تذل نفسك من أجل أن ترضي أحداً، والذلة لله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وهو الذي تنبغي له الذلة والعبودية، وأما الذي ذكرت من هؤلاء فهؤلاء قوم جفاة، عليك أن تنفض ثيابك ويديك وتدعو لهم أن الله يصلحهم.
أما أن تتعرض للإهانات صباحَ مساءَ وتدخل عليهم لتؤانسهم وتلاطفهم، فترى الانقباض والوحشة والجفاء، فهؤلاء قوم جفاة لئام، وليس عندهم من الخير شيء، ودينهم مهزوز، وقلوبهم مريضة، فإنهم لو أرادوا الخير للإسلام لاستقبلوك وحيوك؛ لأنه زاد رجل من المسلمين الأخيار، وأنت معهم في الصف والطريق، لكنهم خسروك وأنت لم تخسرهم والحمد لله.
وأما الذي ذكرت بأنك تجلس بلا مؤنس فلا! بل معك ألف ألف مؤنس، أولاً معك الله تبارك وتعالى:
يا حافظ الآمال أنت حميتني ورعيتني
وعدا الظلوم علي كي يجتاحني فمنعتني
فانقاد لي متخشعاً لما رآك نصرتني
الذي مع الله ليس بوحيد!
أنت القوي:
فالزم يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركان
قد يكون صاحب الحق واحداً، وتكون الجماهير على ضلال.
والأمر الثاني: أن لك في الساحة ألف صديق وصديق، سوف تجدهم، ما عليك إلا أن تفتش عن يمينك ويسارك، فسوف ترحب بك القلوب والبيوت والعيون والأسماع والأبصار، وبدلاً من هذا الذي جفاك ولم يعانقك؛ سوف يعانقك مئات الشباب، ويرحبون بك، ويفرشون لك مقلهم لو أن المقل تفرش، وبدلاً من هذا الذي كشر في وجهك سوف يبتسم أمامك عشرات الوجوه والحمد لله، هذا الذي خسئ بيده ولم يمدها لك تمد لك الأيادي والحمد لله، فما عليك ممن سار وممن شرق وغرب، وردد مع أبي فراس بينك وبين الواحد الأحد:
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضابُ
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خرابُ
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب ترابُ