للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أقسام الهداية]

والهداية قسمان:

١ - هداية الدلالة: وهي للرسول عليه الصلاة والسلام, قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى:٥٢] أي: تدل الناس على الصراط المستقيم, يعني تبين للناس الصراط المستقيم, فهذه الهداية لا بأس بها, ولا بأس أن تقول: فلان يَهدي فلاناً أي: يدله ويرشده ويعلمه, وفلان هادٍ مهدي, أي: يهدي الناس إلى الطريق المستقيم, وقد هداه الله عز وجل.

٢ - هداية التوفيق وهي خاصة بالواحد الأحد، فلا يهدي إلا الله، قال سبحانه: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص:٥٦] أبو طالب أراد عليه الصلاة والسلام أن يدله بهداية الدلالة, ولكن هداية التوفيق لم تمنح له, ما منحه الله هداية التوفيق, فقال الله لرسوله: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص:٥٦].

بلال اهتدى بهداية الدلالة, وهداية التوفيق, فهداية التوفيق منه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

إن ولدك قد تحرص عليه فتعلمه وتدرسه وتقوده وتنصحه فلا يهتدي, فأنت تدله لكنه لا يهتدي؛ لأنه لم يمنح هداية التوفيق, قال تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنفال:٢٣].

فالله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى جعل الهداية قسمين: دلالة وتوفيق, فالدلالة للبشر, والتوفيق له سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.

قال تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ} [الأنفال:٢٤] فهو الذي بيديه مفاتيح القلوب قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:٦٩] وقال: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [الصف:٥].

وأما أقسام الهداية في مسألة السلوك والأخلاق والعبادة, فأقسامها لا يعلمها إلا الله, وكل درجة والأخرى ما بين السماء والأرض, وفيها درجة واحدة ليست إلا لعبد, ولا تنبغي لأحدٍ إلا للرسول عليه الصلاة والسلام.

ما معنى قولك في الصلاة: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) وقد هداك الله؟ أما هداك الله يوم أن أصبحت تصلي؟! أما هداك الله يوم أن أصبحت مسلماً؟! فما معنى قولك: اهدنا الصراط المستقيم؟ كيف تطلب الهداية وأنت مهتدٍ؟

الجواب

قال بعض الناس: إنه تعبدي, وليس فيه فائدة, وقد أخطئوا خطأً بيناً, بل الصحيح: أن معنى الآية زدني هداية إلى هدايتي, فإنك لا تزال تزاد كل دقيقة, وكل لحظة وكل يوم هداية حتى تبلغ ما كتب الله لك من الهداية, ومن استمر على النوافل والعبادة؛ والأذكار؛ زاده الله هدى, وزاده بصيرة وتوفيقاً وفتحاً, فمعنى اهْدِنا أي: زدنا هداية إلى الهداية, ولكنك لا تصل إلى درجة محمد صلى الله عليه وسلم ولا الأنبياء, وهي درجة واحدة يصل إليها صلى الله عليه وسلم والناس خلفه وبعده.

<<  <  ج:
ص:  >  >>