ذكرتم آنفاً بأن هناك أموراً تستجلب التقوى، منها الصلوات المفروضات والنوافل، وهي الصلاة عموماً وصلاة الفجر خصوصاً وصلاة الوتر من الأمور النافلة، وحفظ كتاب الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، هذه الأمور الثلاثة كثير من الناس يتكاسل أو يتثاقل عنها مع أنه حصلت له عدة محاولات لكي يواصل ويستمر عليها بدون انقطاع، فما هو العلاج لهذه الأمور لكي يستجلب هذه التقوى، وجزاكم الله كل خير؟
الجواب
ذكر الأخ في السؤال أموراً منها فريضة ومنها نافلة، فمثل صلاة الفجر فريضة، لا يعذر مسلم بتركها، ومن تركها فهو كافر، ومن ترك أداءها في الجماعة فهو فاسق مضيع مفرط يأثم وقد ارتكب أمراً محرماً، وأما الوتر فهو سنة مؤكدة لا يتركه ومن داوم على تركه فهو فاسق أيضاً، وحفظ القرآن على القدرة، وهو من أفضل الأعمال، فأما صلاة الفجر ففي صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله البجلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله، فالله الله! لا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من طلبه في ذمته بشيء أدركه من أدركه وأهلكه} فعلامة إيمان المؤمن الصلاة مع الجماعة في صلاة الفجر ومع بقية الصلوات، لكن كثيراً من الناس قد يصلي أغلب الفرائض ويترك صلاة الفجر في المسجد، وهذا علامة النفاق، قال ابن مسعود كما في صحيح مسلم:[[حافظ على هذه الصلوات الخمس فإنهن من سنن الهدى، وإننا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتخلف عن الصلاة إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان يؤتى بالرجل يهادى به بين الرجلين حتى يقام في الصف]] فصلاة الفجر جماعة هي فريضة ولا تترك بحال، ومن يتركها تركاً فهذا كافر، وأما أن يصليها في بيته ففاسق نسأل الله العافية والسلامة!
فالمداومة عليها حفظ للنهار فمن داوم عليها في جماعة حفظه الله في يومه، قال بعض أهل العلم: يحفظه الله من الكبائر، فلا يصاب ذلك اليوم بكبيرة أبداً؛ لأن الله حفظه وسدده بسبب صلاة الفجر.
والوتر -بارك الله فيكم- لا يترك أبداً، وهو من أعظم الأمور، وآخر الليل أحسن أوقات الوتر، وإن لم يستطع العبد فعليه أن يوتر قبل أن ينام، كما قال صلى الله عليه وسلم وهو يوصي أبا هريرة، يقول أبو هريرة رضي الله عنه في الصحيحين:{أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن حتى أموت، بركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر} فعلى المسلم إذا لم يستطع أن يقوم آخر الليل أن يوتر قبل أن ينام، وأن يحفظ الله في هذه النوافل ليحفظه الله في الفرائض.
قال ابن المبارك رحمه الله: من تساهل في الآداب عاقبه الله بترك النوافل، ومن ترك النوافل عاقبه الله بترك الفرائض، ومن ترك الفرائض ابتلاه الله بالكفر، نعوذ بالله من الكفر!
وأما حفظ القرآن فهو من أجل الأعمال يقول عز من قائل:{بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}[العنكبوت:٤٩] ولكن قد يشق على كثير من الناس حفظ القرآن كاملاً فعليه أن يحفظ ما تيسر له، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الترمذي:{إن القلب الذي ليس فيه شيء من القرآن كالبيت الخرب} فعليك -يا أخي في الله- أن تحفظ ما استطعت من كتاب الله، وأن تردد ولو جزءاً بسيطاً من القرآن وليكن غذاءك، وروحك، ودواءك، وشفاءك ليهديك الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى سواء السبيل.