ومن معالم الإقبال على الله عز وجل: أن يكون مطلبك العظيم ومطلبي ومطلب كل مسلم رضا الله تبارك وتعالى، وهذا هو مطلب الصحابة يوم التقوا مع كل كافر في كل معركة، في بدر، وأحد، والأحزاب، ويوم حنين، وتبوك، وفي اليرموك، والقادسية، وفي عين جالوت، وحطين.
كان مطلبهم رضا الله تبارك وتعالى عنهم؛ فرفع الله درجاتهم، وعظم أجورهم عنده تبارك وتعالى.
يقول سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وأرضاه، كما في السيرة لـ ابن هشام، وغيره:[[لما التقينا في أحد مع المشركين ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبل أن تبدأ المعركة قال لي أحد الصحابة]] وهذا الشباب اسمه: عبد الله بن جحش القرشي، شاب باسل، وبطل من أبطال الإسلام، لا يعرف إلا صيام النهار وقيام الليل، تربى على القرآن:[[قال لي: يا سعد بن أبي وقاص، أتريد أن ندعو قبل المعركة؟ قلت: نعم.
فداك أبي وأمي، قال: تعال ندعو الله قبل المعركة، قال: فذهبنا وراء الصخرات، فرفع يديه هو قبلي، قال: اللهم إنك تعلم أني أحبك، اللهم إنك تعلم أني ما خرجت إلا ابتغاء مرضاتك، اللهم إني أسألك مسألة واحدة: أن تنصر رسولك صلى الله عليه وسلم، وأن تلاقي بيني وبين كافر شديد حرجُه، قويٌّ بأسُه، فيقتلني فيك -ما قال: أقتله، قال: يقتلني أنا فيك- ثم يبقر بطني، ويجدع أنفي، ويفقأ عينَيَّ، ويقطع أذنَيَّ، فإذا أتيتك يوم القيامة، تقول: يا عبد الله، لم صُنِعَ بك هذا؟ فأقول: فيك يا رب، قال سعد بن أبي وقاص: فوالله الذي لا إله إلا هو ما انتهت المعركة إلا وقد رأيتُه قد قُتل، وقد بُقِرت بطنُه، وجُدِع أنفُه، وفُقئت عيناه، وقُطعت أذناه، فقلت: أسأل الله أن يلبي له ما سأل]] ولذلك يقول محمد إقبال في قصيدته (شكوى وجواب) شكوى وفيها يتحدث عن الشهداء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم:
من غيرنا هدم التماثيل التي كانت تقدسها خرافات الورى
حتى هوت صور المعابد سجداً لجلال من خلق الوجود وصورا
ومن الألى دكوا بعزم أكفهم باب المدينة يوم غزوة خيبرا
أم من رمى نار المجوس فأطفئت وأبان وجه الصبح أبيض نيرا
ومن الذي باع الحياة رخيصة ورأى رضاك أعز شيء فاشترى
{إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ}[التوبة:١١١] لا والله، لا أوفى ولا أصدق من الله، ولا أقوى للحق من الله تبارك وتعالى.