{وقالت السادسة: زوجي كليل تهامة، لا حر ولا قر، ولا مخافة ولا سآمة} ليل تهامة يقولون: إنه من أحسن الليالي، وهو مستوٍ ليس بحارٍ ولا بارد، وهو هادئ النسمات، خاصة إذا كان على البحر فإنه يذكرك السكن في الجنان، قالت: مثل: ليل تهامة معتدل الأجواء، لا ريح هوجاء، ولا فيه صخب ولا نصب ولا إزعاج، وهو سهلٌ سلس، والليالي عند العرب -يا أيها السادة- تطول بالهم وتقصر بالسرور.
فقصارهنَّ مع الهموم طويلة وطوالهن مع السرور قصارُ
ويقول امرؤ القيس وهو ينظر لليل وكان يسكن في نجد قال:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي بصبحٍ وما الإصباح منك بأمثل
يقول: متى تصبح لأنه مهموم، ويقول النابغة:
وصدرٍ أراح الليل عازب همه تضاعف فيه الحزن من كل جانب
تطاول حتى قلت ليس بمنقضٍ وليس الذي يرعى النجوم بآيب
إلى آخر ما قالوا في ذلك، ويقول مجنون ليلى وهو يصف طول الليل:
ليلي وليلى نفى نومي اختلافهما في الطُول والطَول يبدو لي إذا اكتملا
يجود بالطول ليلي كلما بخلت بالطَول ليلى وإن جادت به بخلا
وهذه زوجها فيه خيرٌ كثير وهادئ البال يقولون: ما وصفته وصفاً كثيراً في المدح، ولا ذمته، ويمكن المعيشة تصلح معه، ولذلك لا يطالب من الناس أن يكونوا في سعادة ١٠٠% فإن هذا لا يوجد إلا للأنبياء والرسل، لكن يرضون ويتحملون، وعلى الله أن يسدد ويقارب.