الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، الذي بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، هدى الله به الإنسانية، وأنار به أفكار البشرية, وزعزع به كيان الوثنية، صلى الله عليه وسلم تسلمياً كثيراً.
أمَّا بَعْد: فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، هذا الموضوع، موضوع "العلم الأصيل والعلم الدخيل" موضوع كبير وخطير، وتأتي أهميته من ثلاثة أسباب:
السبب الأول: أن الله عز وجل ميز في كتابه بين العلم الأصيل والعلم الدخيل، وأن رسوله صلى الله عليه وسلم فرق بين العلمين في حديثه الشريف، وكذلك أصحابه والسلف الصالح، رضوان الله عليهم جميعاً.
السبب الثاني: أن هناك عند المقصرين من أمثالي من طلبة العلم وغيرهم -من باب أولى- غبشاً وخلطاً بين العلم الأصيل والعلم الدخيل، فهم يخلطون بين هذا وهذا, ولا يميزون العلم النافع من العلم الضار، ولا المفيد من غيره، ولا الذي من ورائه ثمرة من الذي لا ثمرة من الكد والكدح فيه.
والسبب الثالث: أن هناك خطورة كبيرة من عدم التمييز بين العلم الأصيل والعلم الدخيل، وكثير من الناس لعدم معرفته بفائدة العلم لا يحرص عليه، ولا يحصله، ولا يجلس في مجالسه, ولا يتعلم عند أربابه وأهله، ولا يتعب نفسه في حفظ العلم والتفقه فيه أبداً.